shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

حرمة الزّوجة الْمُلاَعَنَةُ

1035 حرمة الزّوجة الْمُلاَعَنَةُ 8 9 1443 9 4 2022

 

الحرمات المؤقتة

المادة 36

1 - لا يجوز أن يتزوج الرجل امرأة طلَّقها ثلاث مرات إلا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها فعلاً.

2 - زواج المطلَّقة من آخر، يهدم طلقات الزوج السابق؛ ولو كانت دون الثلاث، فإذا عادت إليه يملك عليها ثلاثاً جديدة.

المادة 37 - لا يجوز أن يتزوج الرجل خامسة حتى يطلق إحدى زوجاته الأربع وتنقضي عدتها.

المادة 38 - لا يجوز التزوج بزوجة آخر ولا بمعتدته.

المادة 39 - لا يجوز الجمع بين امرأتين لو فرضت كل منهما ذكراً حرمت عليه الأخرى فإن ثبت الحل على أحد الفرضين جاز الجمع بينهما.

 

مُحَرَّمات النّكاح

المحرّمات من النّساء نوعان:

أوّلاً: المحرّمات تحريماً مؤبّداً

ثانياً: المحرّمات تحريماً مؤقّتاً:

التّحريم على التّأقيت يكون في الأحوال الآتية:

الأوّل: زوجة الغير ومعتدّته

الثّاني: التّزوج بالزّانية

الثّالث: المطلّقة ثلاثاً بالنّسبة لمن طلّقها

الرّابع: المرأة الّتي لا تدين بدين سماويٍّ

الخامس: التّزوج بالمرتدّة

السّادس: الجمع بين الأختين ومَن في حكمهما

السّابع: الجمع بين أكثر من أربع زوجاتٍ

الثّامن: الزّوجة الْمُلاَعَنَةُ:

ذهب الفقهاء إلى أنّه يحرم على الرّجل المسلم أن يتزوّج زوجته الّتي لاعنها، وفرّق القاضي بينهما، ما دام مصراً على اتّهامه لها.

ومن آثار اللعان:

حصول الفرقة بين الزّوجين.

غير أنّ هذه الفرقة لا تَتِمُّ إلا بتفريق القاضي عند الحنفيّة([1]) وأحمد في إحدى الرّوايتين عنه([2]).

فلو تمّ اللّعان بين الزّوجين، ولم يحكم القاضي بالتّفريق بينهما فالزّوجيّة تعتبر قائمةً في حقّ بعض الأحكام؛ كالميراث، ووقوع الطّلاق.

ولو أكذب الزّوج نفسه حينئذٍ؛ فإنّها تحل له من غير تجديد عقد الزّواج.

وحجّتهم في ذلك، ما ورد في قصّة المتلاعنين من أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فرّق بينهما، فإنّه يدل على أنّ الفرقة لا تقع بلعان الزّوج ولا بلعان الزّوجة؛ إذ لو وقعت لما حصل التّفريق من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد وقوع الفرقة بينهما بنفس اللّعان([3]).

وما روي أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَ النَّاسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا"، قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ([4]).

فإنّ هذا يقتضي إمكان إمساك المرأة بعد اللّعان، وأنّه وقع طلاقه، ولو كانت الفرقة وقعت قبل ذلك باللّعان لما وقع طلاقه، ولا أمكنه إمساكها.

وأيضاً فإنّ سبب هذه الفرقة يتوقّف على الحاكم (القاضي الشرعي)؛ فالفرقة المتعلّقة به لا تقع إلا بحكمه([5]).

وذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة في المذهب إلى([6]): أنّ الفرقة تقع بين الزّوجين بمجرّد اللّعان، من غير توقفٍ على حكم القاضي.

وقال الشّافعيّة: إنّ الفرقة متعلّقة بلعان الزّوج، وإن لم تلاعن الزّوجة، وذلك لما ورد أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ إِذَا تَلاَعَنَا قَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا([7]).

ولأنّ اللّعان يقتضي التّحريم المؤبّد فلا يحتاج للتّفريق به إلى حكم الحاكم (القاضي الشرعي)([8]).

واختلف الفقهاء في نوع الفرقة المترتّبة على اللّعان أهي طلاق أو فسخ؟

وفي الحرمة المترتّبة على اللّعان أهي حرمة مؤبّدة فلا تحل المرأة للرّجل وإن أكذب نفسه؟ أو هي حرمة مؤقّتة تنتهي إذا أكذب الرّجل نفسه؟

فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة إلى أنّ الفرقة باللّعان فسخ([9])، وهي توجب التّحريم المؤبّد، فلا يمكن أن يعود المتلاعنان إلى الزّواج بعد اللّعان أبداً؛ ولو أكذب الزّوج نفسه، أو خرج عن أهليّة الشّهادة، أو صدّقته المرأة في قذفه.

وذلك لما ورد عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُتَلَاعِنَانِ إِذَا تَفَرَّقَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا»([10]).

ولما في حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدِ إنَّهُ قَالَ: فَحَضَرْتُ هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي قِصَّةَ الْعَجْلَانِيِّ؛ فَمَضَتْ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، فَأَخْبَرَ سَهْلٌ وَهُوَ رَاوِي هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِالتَّفْرِيقِ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ الزَّوْجُ([11]).

ولأنّ اللّعان قد وجد، وهو سبب التّفريق، وتكذيبُ الزّوج نفسه، أو خروجُ أحد الزّوجين عن أهليّة الشّهادة لا ينفي وجود السّبب، بل هو باقٍ فيبقى حكمه.

وأيضاً فإنّ الرّجل إن كان صادقاً في قذف امرأته؛ فلا ينبغي أن يعود إلى معاشرتها مع علمه بحالها، حتّى لا يكون زوجَ بغيٍّ.

وإن كان كاذباً في قذفها فلا ينبغي أن يمكّن من معاشرتها؛ لإساءته إليها، واتّهامها بهذه الفرية العظيمة، وإحراق قلبها.

ولا يمكن اعتبار الفرقة باللّعان طلاقاً؛ لأنّه ليس بصريح في الطّلاق، ولا نوى به الطّلاق، ولأنّه لو كان طلاقاً لوقع بلعان الزّوج دون لعان المرأة، والفرقة بين الزّوجين - عند غير الشّافعيّة - لا تقع إلا بلعانهما([12]).

وقال أبو حنيفة ومحمّد بن الحسن: الفرقة بسبب اللّعان تكون طلاقاً بائناً لا فسخاً؛ لأنّها فرقة من جانب الزّوج، والقاضي قام بالتّفريق، نيابةً عنه، فيكون فعله منسوباً إليه.

والفرقة متى كانت من جانب الزّوج، وأمكن جعلها طلاقاً كانت طلاقاً لا فسخاً.

وإنّما كانت طلاقاً بائناً، لتوقفها على القضاء، وكل فُرْقَةٍ تتوقّف على القضاء تعتبر طلاقاً بائناً.

وقالا: إنّ الحرمة المترتّبة على اللّعان تزول إذا أكذب الزّوج نفسه، أو خرج عن أهليّة الشّهادة، أو خرجت هي عن أهليّتها للشّهادة؛ لأنّ الزّوج إذا أكذب نفسه اعْتُبِرَ تكذيبه رجوعاً عن اللّعان، واللّعان شهادة في رأيهما، والشّهادة لا حكم لها بعد الرجوع عنها، وفي هذه الحالة يُحَدُّ الرّجل حدّ القذف، ويثبت نسب الولد منه إن كان القذف نفي الولد.

وإذا خرج أحد الزّوجين عن أهليّته للشّهادة انتفى السّبب الّذي من أجله كان التّفريق وهو اللّعان، فيزول حكمه وهو التّحريم([13]).

 

 

([1]) بدائع الصنائع، 3/244.

([2]) المغني، لابن قدامة، 7/410.

([3]) بدائع الصنائع، 3/245.

([4]) صحيح البخاري، تحقيق محمد زهير الناصر، (13/251)، 5259، وصحيح مسلم، (4/205)، 3816.

([5]) المغني، لابن قدامة، 7/410.

([6]) التاج والإكليل 3/138. ومغني المحتاج 3/380. والمغني لابن قدامة 7/410، وكشاف القناع 5/402.

([7]) السنن الكبرى للبيهقي، وفي ذيله الجوهر النقي لابن التركماني، (7/410)، 15755.

([8]) مغني المحتاج 3/380.

([9]) فتح القدير 3/255، وبدائع الصنائع 3/245، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2/467، والبهجة شرح التحفة 1/334، ومغني المحتاج 3/380، والمغني لابن قدامة 7/412 - 414.

([10]) سنن الدارقطني، (4/416)، 3706.

([11]) أحكام القرآن للجصاص، تحقيق قمحاوي، (5/155).

([12]) المغني لابن قدامة 7/413 - 414، ومغني المحتاج 3/380.

([13]) فتح القدير 3/255.

عدد القراء : 582