shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

المحبة

المحبة

ما أجمل الحياة بالمحبة! وما أقبحها بالكراهية! إن المحبة لتسعد صاحبها قبل أن تسعد الآخرين، أما الكراهية فإنها تشقي صاحبها قبل أن تمس نارها الآخرين.

المحبة جنة ناعمة وارفة الظلال، تنعم بها القلوب الكبيرة التي تحملها، أما الكراهية في القلوب الدنيئة الحقيرة ذات الأنانية الضيقة، فهي نار ذات لهب، تكوي أوعيتها، وتعذب أصحابها.

إن المحبة يرافقها في النفوس طمأنينة وقناعة ورضى، أما الكراهية فيرافقها قلق واضطراب ومطامع ثائرة، وتسخط مستمر على الواقع.

فالذين يحبون الخير للناس يعيشون في سعادة قلبية مستمرة، ضمائرهم رضية، ونفوسهم مطمئنة.

أما الذين لا يحبون إلا أنفسهم فهم عن هذه السعادة وراحة الضمير وطمأنينة النفس مبعدون، لقد أبعدتهم قلوبهم الصغيرة ونفوسهم الخبيثة.

ولقد جعل الإسلام المحبة عنصراً من عناصر الإيمان، أو ثمرة من ثمراته، فقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

فإذا لم يوجد بين المسلمين تبادل المحبة والمودة لم يكن الإيمان في قلوبهم مستكملاً عناصره، وبذلك لا يكونون مؤمنين حقاً، ولا يكونون مؤهلين لدخول الجنة.

إن شعور الإنسان بمحبته للناس اتجاه كريم نحو الارتباط بالجماعة والاندماج فيها، ومشاركتها في السراء والضراء، وانطلاق من مواقع الأنانية الضيقة، فهي الوجه السمح الجميل المشرق للقلوب والنفوس، أما الكراهية فهي انعزال مقيت في مواقع الأنانية الضيقة، وهي الوجه السمج المخيف المظلم القاتم للقلوب والنفوس.

إن الشعور بالمحبة نحو الآخرين أصل ترجع إليه مكارم خلقية كثيرة كالتعاون وإرادة الخير للناس، ومشاركتهم الوجدانية في السراء والضراء، وأن يحب لهم مثلما يحب لنفسه، وأن يعاملهم بمثل الذي يحب أن يعاملوه به.

ومن شأن الشعور بالمحبة نحو الآخرين السلامة من كثير من الأمراض الخلقية الخبيئة كالحسد والأثرة، والبغضاء والشحناء، والغيبة والنميمة، وإرادة الشر بالناس، والظلم والعدوان، وغير ذلك من رذائل.

إن الأصل في خلق المسلم الذي يعامل به جميع عباد الله هو خلق المحبة لا خلق الكراهية، فالمسلم المؤمن مشرق القلب دائماً، منفتح القلب لكل عباد الله، يحبهم ويريد الخير لهم.

المجتمع المسلم مجتمع متآلف تشيع فيه روح المحبة والوئام، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على كل ما يقوي روح الإخاء بين المسلمين، ونهاهم عن كل ما ينتقص أو يؤثر سلبا في هذه الروح.

إن التحابب في الله تعالى والأخوة الإيمانية من أعظم القربات، وللمحبة في الله ثمرات طيبة يجنيها المتحابون من ربهم في الدنيا والآخرة منها:

1) محبة الله تعالى:

عن معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ" [رواه مالك وغيره].

2) الكرامة من الله:

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد أحبّ عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل" [أخرجه أحمد بسند جيّد].

3) الاستظلال في ظلّ عرش الرحمن:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي ( رواه مسلم).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله تعالى يوم لا ظلّ إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرّقا عليه …" [متفق عليه].

4) دخول الجنة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَ لا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم" [رواه مسلم].

عدد القراء : 661