شهر رمضان وتعميم الثقافة القرآنية
شهر رمضان وتعميم الثقافة القرآنية
عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدِّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ»([1]). أي يقبل الله تعالى شفاعته ويصدّق شكايته.
للتعاطي مع القرآن الكريم أربع مراتب:
المرتبة الأولى: أن يتعلّم الإنسان القرآن من ناحية القواعد والحركات والإعراب والتجويد والقراءة الصحيحة، وتعليمها للآخرين.
المرتبة الثانية: التدبّر في القرآن ومعرفة معانيه.
المرتبة الثالثة: العمل بالقرآن.
المرتبة الرابعة: تطبيقه في المجتمع.
لا شك أنّ المرتبتين الأخيرتين أرفع من المرتبتين الأولى والثانية، فمن يعمل بالقرآن ويسعَ لتطبيقه في المجتمع، فإنّ القرآن سيكون شافعاً له، لأنّ الله تعالى لا يردّ شفاعة القرآن.
أمّا من كان قادراً على ذلك ولم يفعل فإنّ القرآن يشتكي عليه يوم القيامة لأنّه ماحِلٌ مصدّق، كما في الحديث الشريف المذكور آنفاً.
إنّ القرآن نورٌ، فإذا وصل هذا النور إلى الناس عبر الطريق الصحيح، أي بالحكمة والموعظة الحسنة، فلاشكّ سيؤثّر فيهم. ولكن علينا أوّلاً أن نهيّئ الأجواء بحيث يؤثّر في الآخرين.
كذلك فإنّ القرآن هو الغذاء الروحيّ للإنسان، وكما أنّ الغذاء المادّي بحاجة إلى إناء نظيف يقدّم فيه ليرغب فيه الآخرون، كذلك الغذاء الروحيّ لابدّ له من وعاء نظيف مؤثّر.
ذهب أحد الأشخاص إلى أحد العلماء وقال له: لقد نصحت فلاناً ولكنه لم يقبل نصيحتي. فأرسل العالم بطلب ذلك الشخص وسأله: لماذا لم تقبل نصيحة هذا الرجل؟ فقال: سله كيف نصحني؟ وتبين أنّ الطريقة التي نصحه فيها لم تكن صحيحة.
إنّ الأنبياء سلام الله عليهم ما كانوا ينصحون أحداً بالضرب والشدّة، وإنّما كانوا ينصحون بالأخلاق الحسنة.
إنّ شهر رمضان هو ربيع القرآن، أي ربيع المراتب الآنفة كلّها من القراءة والتدبّر والعمل، إذاً ينبغي استثمار هذا الشهر المبارك في تعلّم القرآن والعمل على تطبيق أحكامه حتى يكون المجتمع كلّه قرآنياً.
وعلينا أن نسعى في تعميم ثقافة القرآن بقدر الإمكان، من خلال تشجيع الآخرين على الحضور في الجلسات القرآنية التي تنعقد في هذا الشهر، وكلّ من يعمل أكثر فحسناته ستكون أكثر.
والله تعالى يقول في كتابه الكريم: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].
([1]) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، 4/108.
عدد القراء : 694