shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

001 فقه الحياة

001 فقه الحياة 1 7 1441 25 2 2020

 

 

برنامج فقه الحياة

فقه الحياة؛ كلمة ومعنى، نحو آفاق الاعتدال والوسطية، تدريب على اكتساب مهارات الحياة، وخبرة التصرفات، والفهم السليم لمجرياتها.

فقه الحياة؛ يعالج أهم القضايا التربوية والاجتماعية والاقتصادية، التي تلامس واقع الناس في حياتهم.

فقه الحياة؛ فهم قواعد هداية الإسلام للناس، حاملاً ياقوتة الحب تآلفاً.

فقه الحياة؛ أسئلة ومداخلات، وإجابات شافيات وافيات؛ لنكون معاً في أقرب سبل الخير للبشرية؛ خدمة للإنسان، وحماية للأوطان.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++

فقه الحياة كلمة ومعنى

وفي حقيقتها أوسع وأشمل، فلذلك من الواجب أن تدّرس لفضلها وأهميتها، كيف تكتسب مهارات الحياة والفهم الصحيح لمجرياتها.

ففقه الحياة يجب أن يولى اولوية للتعليم .. فكثيرأ منا لا يعلم ما معنى فقه الحياة.

تعريف فقه الحياة لغةً : فهم الحياة.

تعريف فقه الحياة اصطلاحاً : كيف تتعامل مع مجريات الحياة اليومية وتفهم الصواب والخطأ والخير والشر والأفضل، وأفضل الأفضل، فهنا تكون فقيهاً في الحياة.

فللحياة أصول وقواعد يجب أن يتعلمها الانسان ويكتسبها حتى يجاري الزمان، فكيف واين ومن؟

فالحياة مركب فإن لم تتعلم كيف تسير مراكب الحياة فستغرق في وسط تلاطم الأمواج وكثرة السفن ومرتاديها.

فأحياناً تكون الأمواج ساكنةً، وأحياناً أخرى تكون هائجةً فكيف السبيل؟

السبيل هو أن تكون قبطاناً ورباناً على السفينة تحاكي البحر ويحاكيك، وتتعامل معه بما هو أهله وتحافظ على طاقمك، ومن معك من الهلاك والغرق،

فإن أسأت فهم الحياة فقد تضيع رعيتك.

فقه الحياة هو السبيل المنجي بإذن الله من مهلكات الطريق.

فإذا عرفت طريق السير، وكيف تتخطى الصعاب، وتسير في الطرق الوعرة، وتصعد الجبال المتصدعة، وتحذر من المنحدرات الهاوية، فقد تصل بسلام بفضل الله سبحانه وتعالى.

فكم من إنسان لا يجيد فقه الحياة أصبح ضحية المفسدين والمجرمين.

كيف تدرك بأنك مستهدف؟

كيف تتعامل مع الاستهدافات كلها؛ اجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً، وفكرياً.

أنت مستهدف في زواجك وطلاقك، في علاقاتك مع جيرانك، ومع أصدقائك.

أنت مستهدف في الحلال والحرام؛ في الإنتاج، والاستهلاك، والتبادل، والتوزيع.

أنت مستهدف في أن تكون مستقلاً أم تابعاً.

أنت مستهدف في ثقافتك العالمية تآلفاً، او الخضوع للعولمة قهراً.

أنت مستهدف في فكرك الإيماني أم الإلحادي.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++

* دعاء دخول رجب:

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا دخل رجب: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" رواه أحمد (1/259) والبزار (616 زوائد) والطبراني في الأوسط (3939) والبيهقي في شعب الإيمان (3815).

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

فضل شهر رجب الحرام

أخرجَ السيوطي عن ابن عساكر عن أبي أُمامةَ عن الرسول صلّى الله عليه وسلم: "خمسُ ليالٍ لا تُردُّ فيهنَ الدعوة: أولُ ليلةٍ من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعةِ، وليلةِ الفطرِ، وليلة النحرِ".

وأخرجَ السيوطي عن الرسول صلّى الله عليه وسلم: "رجب شهرُ اللهِ، وشعبان شهري، ورمضان شهر أُمتي".

قال العلماءُ: رجب شهرُ الاستغفارِ، وشعبان شهر الصلاة على النبِّي المختارِ صلّى الله تعالى عليه وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم، ورمضان شهر القرآنِ، فاجتهدوا رحمكم اللهُ تعالى في رجب فإنه موسمُ التجارة، واعمروا أوقاتكم فيه، فهو أوان العمارة، فمن كان مِنَ التجارِ، فهذه المواسم قدْ دخلتْ، ومَنْ كانَ مريضاً بالأوزار فهذه الأدوية قد حمُلتْ.

قال وهب بن منبه: (قرأتُ في الكتبِ المنزلة: أن من استغفر الله في رجب بالغداة والعشي يرفع يديه ويقول "اللهم اغفر لي وارحمني وتُبْ عليَّ" سبعين مرة، لم تمسَّ النارُ له جِلداً).

وقالَ الإمامُ الرباني سيدي عبدُ القادرِ الجيلاني في كتابهِ الغنيةِ: إنّ مما يُطلبُ أنْ يُدعى به في أولِ ليلةٍ من رجب هذا الدعاء: (إلهي تعرَّضَ لكَ في هذه الليلةِ المتعرضون، وقصدكَ القاصدون، وأمّلَ فضلكَ ومعروفك الطالبون، ولك في هذه الليلةِ نفحاتٌ وجوائزُ، وعطايا ومواهبُ، تمُنُّ بها على مَنْ تشاءُ مِنْ عبادِكَ وتمنعها ممنْ لمْ تسبقْ له العناية منكَ، وها أنا ذا عبدُكَ الفقيرُ إليكَ، المؤملُ فضلكَ ومعروفكَ، فإنْ كنتَ يا مولايَ تفضّلتَ في هذه الليلةِ على أحدٍ مِنْ خلقِكَ، وجُدْتَ عليهِ بعائدةٍ مِنْ عطفكَ، فصلِّ على سيدِنا مُحَمَّد وآلِهِ وصحبِهِ، وجُدْ عليَّ بطولِكَ ومعروفِكَ ياربَّ العالمين).

ويكثر مِنْ سيدِ الإستغفار: (اللهم أنت ربي لا إله إلاّ أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتِك عليّ، وأبوء بذنب فاغفرْ لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت).

ويكثر من قول: (يا لطيف) في هذا الشهر الحرام كما كان السلف الصالح رضي الله عنهم يفعلون كل يوم خمسة الآف مرة.

ما يُطلب في شهر رجب المحرم

استغفار رجب للإمام السيد الحبيب حسن بن الحبيب عبد الله الحداد

بسم الله، وصلّى الله تعالى على سيدِنا مُحَمَّد وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم، أستغفرُ اللهَ، استغفر الله،

أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إلى اللهِ مما يكرهُ اللهُ قولاً وفِعلاً وخاطِراً وباطناً وظاهراً،

أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلاّ هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليهِ،

اللهمَّ إني أستغفرُكَ لِما قدّمتُ وما أخرّتُ وما أسررْتُ وما أعلنتُ، وما أنتَ أعلمُ بِهِ منِّي، أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤَخِرُ، وأنتَ على كلِّ شئٍ قديرٌ،

أستغفرُ اللهَ ذا الجلالِ والإكرامِ، من جميعِ الذنوبِ والآثامِ، أستغفرُ اللهَ لذنوبِي كلها سِرِّها وجهرِها، وصغيرِها وكبيرِها، وقديمِها وجديدها، وأوَّلِها وآخرِها، وظاهرِها وباطنِها، وأتوبُ إليهِ،

اللهمَّ إني أستغفرُكَ من ذنبٍ تبتُ إليكَ منهُ ثم عُدتُ فيه، وأستغفرُكَ لما أردتُ به وجهَكَ الكريمَ فخالطه ما ليس لكَ فيه رِضاً،

وأستغفرُكَ لِما وعدتُك به من نفسي ثمَّ أخلفتُكَ فيه،

وأستغفرُكَ لما دعاني إليه الهوى مِنْ قِبلِ الرُّخصِ مما اشتبه عليَّ وهو عندَكَ حرامٌ،

وأستغفرُكَ يا مَنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ، يا عالمَ الغيبِ والشهادةِ من كلِّ سيئةٍ عملتُها في بياضِ النهارِ وسوادِ الليلِ في ملاءٍ وخلاءٍ وسرٍ وعلانيةٍ وأنتَ ناظرٌ إليَّ إذا ارتكبتُها، وأتيتُ بها مِنَ العصيانِ فأتوبُ إليكَ يا حليمُ يا كريمُ يا رحيمُ،

وأستغفرُكَ من النِعمِ التي أنعمتَ بها عليَّ فتقويتُ بها على معصيتِكَ،

وأستغفرُكَ منَ الذنوبِ التي لايعرفها أحدٌ غيرك ولا يطّلعُ عليها أحدٌ سِواكَ ولا يسَعُها إلاّ حلمُكَ ولا ينجيني منها إلاّ عفُوكَ،

وأستغفرُكَ لكلِّ يمينٍ سلفتْ مني فحنثتُ فيها وأنا عندَكَ مؤاخذٌ بها،

وأستغفرُكَ يا مَنْ لا إلهَ إلا أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ مِنَ الظالمينَ،

فاستجبنا لهُ ونجيناه مِنَ الغمِّ وكذلكَ نُنجى المؤمنين.

وزكريا إذْ نادى ربَّهُ ربِّ لاتذرني فرداً وأنتَ خيرُ الوارثين.

ربِّ اغفرْ وارحمْ وأنتَ خيرُ الراحمين.

وأستغفرُكَ من كلِّ فريضةٍ أوْجبتها عليَّ في آناءِ الليلِ وأطرافِ النهارِ فتركتُها خطأً أوْ عمداً أوْ نسياناً أوْ تهاوناً أوْ جهلاً، وأنا مُعاقبٌ بها،

وأستغفرُكَ من كلِّ سُنّةٍ من سُننِ سيدِ المرسلينَ وخاتمِ النبيين نبيِّكَ سيدِنا مُحَمَّد صلّى الله عليه وسلم، فتركتُها غفلةً أوْ سهواً أوْ نسياناً أوْ تهاوناً أوْ جهلاً أو قِلةَ مبالاةٍ بها،

وأستغفرُكَ يا مَنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ وحدَكَ لاشريكَ لكَ، وأن سيدَنا مُحَمَّداً عبدُكَ ورسولُكَ، سبحانكَ يا ربَّ العالمينَ، لكَ الملكُ ولكَ الحمدُ، وأنتَ حسبُنا ونِعمَ الوكيلُ، ونِعمَ الموْلى ونِعمَ النصير، ولا حولَ ولا قوةَ إلاُ باللهِ العليِّ العظيمِ،

يا جابرَ كلِّ كسيرٍ، ويامؤْنِسَ كلِّ وحيدٍ، ويا صاحبَ كلِّ غريبٍ، ويا مُيسِّرَ كلِّ عسيرٍ، يا مَنْ لا يحتاجُ إلى البيانِ والتفسيرِ، وأنتَ على ما تشاءُ قديرٌ،

وصلّى اللهُ تعالى على  سيدِنا مُحَمَّد بعددِ مَنْ صلّى عليه وبعددِ مَنْ لمْ يصلِّ عليه.

اللهمَّ صلِّ على روحِ سيدِنا مُحَمَّد في الأرواحِ،

اللهمَّ صلِّ على تُرْبةِ سيدِنا مُحَمَّد في الترابِ،

اللهمَّ صلِّ على قَبرِ سيدِنا مُحَمَّد في القبورِ،

اللهمَّ صلِّ على صورةِ سيدِنا مُحَمَّد في الصور،

اللهمَّ صلِّ على اسمِ سيدِنا مُحَمَّد في الأسماءِ.

{لقد جاءكم رسولٌ مِنْ أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنينَ رءوفٌ رحيمٌ. فإنْ تولوا فقُلْ حسبى اللهُ لا إلهَ إلاّ هوَ عليهِ توكلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيمِ}.

وصلّى اللهُ تعالى على سيدِنا مُحمَّد وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

فَضائلُ شَهر رَجَب

الحمدُ للهِ الّذي فضّلَ الأشهرَ الحرامَ على سائرِ شهورِ العامِ، وخصَّها بمزيدِ الإجلالِ والإكرامِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، وأسمائِه الحُسنى وصفاتِه العِظامِ، وأشهدُ أنّ محمّداً عبدُه ورسولُه؛ أبانَ لأمّتِه الأشهرَ الحرامَ، وحذَّرَها من الظلمِ فيها، واقترافِ الآثامِ؛ صلّى الله عليه وسلّم، وعلى آلِه، وصحبِه البررةِ الكرامِ.

أمّا بعدُ: فقد أظلَّنا في هذِه الأيّامِ؛ شهرٌ عظيمٌ من الأشهرِ الحُرُمِ العِظامِ؛ الّتي أمر اللهُ سبحانه وتعالى بتعظيمِها، والالتزامِ فيها أكثرَ بدينِه وشرعِه، وإجلالِها؛ فقال جلّ وعلا: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36].

وثبت في الصّحيحين عن سيّد المرسلين ﷺ أنّه قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».

وإنّ الواجبَ على المؤمن: أن يعرفَ قدرَ هذا الشهرِ الحرامِ؛ ذلك لأنّ معرفتَه وتعظيمَه (هو الدِّين القيِّم) أي: المستقيم؛ الّذي لا اعوجاجَ فيه، ولا ضلالَ، ولا انحرافَ. كما يجب عليه أن يحذرَ من المعصية فيه؛ فإنّها ليست كالمعصيةِ في غيرِه؛ بل المعصيةُ فيها أعظمُ، والعاصِي فيه آثمُ؛ كما قال سبحانه: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾  [البقرة: 217]؛ أي: ذنبٌ عظيمٌ، وجرمٌ خطيرٌ؛ فهو كالظّلمِ والمعصيةِ في البلدِ الحرامِ؛ الّذي قال الله عزّ وجلّ فيه: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25].

ومن هنا: قال ابنُ عبّاسٍ عليهما الرِّضوان في تفسير قوله تعالى: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾: «في كلِّهنّ، ثمّ اختصَّ من ذلك أربعةَ أشهرٍ فجعلهنَّ حراماً، وعَظّم حُرُماتِهنَّ، وجعل الذنبَ فيهنَّ أعظمَ، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظمَ».

وعن قتادة قال: إنّ الظلمَ في الشهرِ الحرامِ أعظمُ خطيئةً ووزراً من الظلمِ فيما سواهُ، وإنْ كان الظلمُ على كلِّ حالٍ عظيماً، ولكنَّ اللهَ يُعظِّمُ من أمرِه ما شاء. وقال: إنَّ اللهَ اصطفى صَفايا من خلقِه؛ اصطفى من الملائكةِ رسلاً، ومن النّاسِ رسلاً، واصطفى من الكلامِ ذكرَه، واصطفى من الأرضِ المساجدَ، واصطفى من الشهورِ رمضانَ والأشهرَ الحُرمَ، واصطفى من الأيّامِ يومَ الجمعةِ، واصطفى من اللَّيالي ليلةَ القدرِ؛ فعظِّموا ما عظَّم اللهُ؛ فإنّما تعظَّم الأمورُ بما عظَّمها اللهُ عند أهلِ الفهمِ والعقلِ.

وإنّ من أظهرِ الدلائلِ على تعظيمِ هذا الشّهرِ الحرامِ: هو الابتعادُ عن ظلمِ الإنسانِ نفسَه؛ باجتِراحِ الذنوبِ والسيّئاتِ، ومقارَفَةِ الآثامِ والخطيئاتِ؛ ذلك لأنّ الذنبَ في كلِّ زمانٍ شرٌّ وشؤمٌ على صاحبِه؛ لأنّه اجتراءٌ على اللهِ جلَّ جلالُه وعظُم سلطانُه، لكنّه في الشهرِ الحرامِ أشدُّ سوءاً وأعظمُ شؤمًا؛ لأنّه يجمعُ بين الاجتراءِ على الله تعالى، والاستخفافِ بما عظّمه اللهُ جلّ وعلا.

ولهذا فينبغي على المؤمن أن يكون في هذا الشّهر أكثرَ ابتعاداً عن الذّنوبِ والآثامِ، وتوقِّياً لكلِّ ما يغضبُ الملكَ العلّامَ؛ فيبتعد عن ظلمِه لربِّه بالإشراك به سبحانه، وصرفِ شيءٍ من العبادةِ لغيرِه عزّ شأنُه. ويبتعد عن ظلمِه لإخوانِه بالاعتداءِ عليهم وسفكِ دمائِهم، أو أكلِ أموالِهم وحقوقِهم، أو الولوغِ في أعراضِهم، ونهشِ لحومِهم، وتتبّعِ عوراتِهم، وإفشاءِ أسرارِهم، وإلحاقِ الأذى بهم. ويبتعد عن ظلمِه لنفسِه، والإساءةِ إلى شخصِه؛ بمعصيتِه لخالقِه، وخاصّة ما يتساهلُ فيه بعضُ النّاسِ من صغائرِ الذُّنوبِ؛ فإنّ صغائرَ الذّنوبِ متى استرسل فيها الإنسانُ كان على وجهِه في النّارِ مكبوبٌ؛ إلاّ أن يتوب، وإلى ربِّه يؤوب.

فقد ثبت في (مسند أحمد) عن سهل بن سعد السّاعديّ رضي الله عنه أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ».

هذا؛ وكما أنّ المعاصيَ تعظُمُ في الشهرِ الحرامِ؛ فكذلك الحسناتُ والطّاعاتُ تعظُمُ وتُضاعفُ في هذه الأيّام؛  فالتّقرّبُ إلى اللهِ عزّ وجلّ بالطّاعةِ في الشّهرِ الحرامِ أفضلُ وأحبُّ إليه سبحانه من التّعبُّدِ في سائرِ الأيّامِ؛ كما سبق في قول ابن عبّاس رضي الله عنهما: «وجعل الذنب فيهنّ أعظم، والعمل الصّالح والأجر أعظم».

فيستحبُّ للمؤمن في هذا الشّهر الإكثارُ والمواظبةُ على ما ثبتت به السنّةُ في سائرِ الأيّامِ من نوافلِ الطّاعاتِ؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وصدقاتٍ، وغيرِها من القرباتِ، مع المحافظةِ على الفرائضِ والواجباتِ.

وقد رُوي: أنّه كان في شهرِ رجبٍ حوادثُ عظيمةٌ فرُوي: أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ في أوّلِ ليلةٍ منه، وأنّه بُعث في السَّابعِ والعشـرِينَ منه، وقيل: في الخامسِ والعشرِينَ، أنّ الإسراءَ بالنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان فيِ سابعٍ وعشـرينَ من رجبٍ.

والحاصلُ: أنّ شهرَ رجبٍ لم تثبت فيه فضيلةٌ مخصوصةٌ لعبادةٍ من العباداتِ، ولكنّ هذا لا يعني أنّه لا يشرع فيه التّعبّدُ بما ثبت من نوافلِ الطّاعاتِ، والأعمالِ الفاضلاتِ؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وصدقاتٍ، وغيرِها من القرباتِ؛ الّتي هي فيه أكثرُ فضلاً، وأعظمُ أجراً؛ لأنّه شهرٌ حرامٌ، وليس كسائرِ أشهرِ العامِ؛ وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَدَبَ إِلَى الصَّوْمِ مِنْ الأَشْهُر الْحُرُم، وَرَجَبٌ أَحَدُهَا».

فكُنْ أيُّها الموفَّقُ لهذا الشهرِ معظِّماً، ولفضلِه مغتنِماً، وتُبْ فيه إلى ربِّك، وأقلِعْ بلا رجعةٍ عن سالِفِ خطئِك، وقبيحِ فعلِك، وأصلِحْ فيه من شأنِك، وليكن لسانُ حالِك؛ كما قال الأوّلُ:

بَيِّضْ صَحيِفَتَكَ السَّوْدَاءَ فِي رَجَبِ     بِصَالِحِ الْعَمَلِ الُمنْجِي مِنَ اللَّهَبِ

شَهْـرٌ حَرَامٌ أَتَى مِنْ أَشْهُرٍ حُرُمِ      إِذَا دَعَا اللهَ دَاعٍ فِيـهِ لَمْ يَـخِبِ

طُـوبَى لِعَبْدٍ زَكَى فِيـهِ لَهُ عَمَلٌ      فَكَفَّ فِيهِ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالرِّيَـبِ

اللّهمّ بارك لنا في رجبٍ وشعبانَ، وبلّغنا رمضانَ، ونحن في أمنٍ وأمانٍ، وسلامةٍ وإيمان. اللّهمّ آمينَ، أمينَ.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّدٍ، وعلى آلِه، وصحبِه أجمعين.

 

عدد القراء : 538