#كورونا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا
#كورونا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا
الْحَمد لله الَّذِي أوجد الْأَشْيَاء شَرها وَخَيرهَا وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم على من بَين نَفعهَا وضرها وعَلى آله وَأَصْحَابه وَأَتْبَاعه وأحزابه السائرين فِي السلوك سَيرهَا أما بعد.
{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [المعارج 19 - 22].
احذر أن تتحول في زمن كورونا إلى مناع للخير
إن الله خلق الإنسان هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا، لكنه جل شأنه أمره أن يعالج هذه الطباع بما يتفق وقواعد الشريعة السمحة، ليكون له بذلك الأجر، أمره بالصبر عند البلاء، والاستسلام للقضاء، كما أمره بالشكر على السراء، والحمد على الرخاء. عند ذلك يكون مؤمنا كاملا، ويكون حاله خيرا كله، إن أصابه شر صبر فكان له بذلك الأجر، وعوضه الله خيرا، وإن أصابه خير شكر فكان له بذلك الأجر، وزاده الله فضلا.
قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: خَلَقُ اللَّهُ الْإِنْسَانَ يُحِبُّ مَا يَسُرُّهُ وَيَهْرَبُ مِمَّا يَكْرَهُ، ثُمَّ تَعَبَّدَهُ بِإِنْفَاقِ مَا يُحِبُّ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا يَكْرَهُ.
الهلع من أرذل صفات الإنسان، والجزع ضد الصبر، والمنع ضد الإعطاء وكلا الوصفين من الجزع والمنع مذموم، والإنسان مأمور شرعاً بضدهما من الصبر والإيثار، وقد أثنى سبحانه على الصابرين والمؤثرين، وذكر تعالى صفات من سلم من الهلع، ألا وهم المصلون.
قال ابن عطاء: الهلوع: الذي يرضى عند الموجود ويسخط عند المفقود.
وقال أبو الحسن الوراق: الهلوع نسّاء عند النعمة، دعّاء عند المحنة.
وقال الحسن: رأسه على وسادة النعمة وقلبه في ميدان الغفلة.
الشُّحُّ أَبْلَغُ مِنَ الْبُخْلِ لِأَنَّ الْبُخْلَ مَنْعُ مَا وَجَبَ بَذْلُهُ مِنَ الْمَالِ، وَالشُّحَّ مَنْعُ كُلِّ وَاجِبٍ مِنَ الْمَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ.
المنوع: لا يشرك معه الآخرين بأن يعطيهم من الخير الذي أعطاه الله.
رفع الْغنى الشاكر إِلَى مرتبَة الْفَقِير الصابر بل رُبمَا فَضله عَلَيْهِ.
الإيمان بالقدر يجعل الإنسان يمضي في حياته على منهج سواء، لا تبطره النعمة، ولا تيئسه المصيبة، فهو يعلم أن كل ما أصابه من نعم وحسنات من الله، لا بذكائه وحسن تدبيره (وما بكم من نعمة فمن الله) [النحل: 53] . ولا يكون حاله حال قارون الذي بغى على قومه، واستطال عليهم بما أعطاه الله من كنوز وأموال: (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه من الكنوز ما إنَّ مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين - وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأَحسِن كما أَحسَنَ الله إليك ولا تبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين - قال إنما أوتيته على علم عندي) [القصص: 76 -78] .
عدد القراء : 595