#كورونا آداب صناعة المعروف
#كورونا آداب صناعة المعروف
الْحَمد لِلَّه المجزل فِي عطائه الْعدْل فِي قَضَائِهِ المكرِّم لأوليائه ونسأله أَن يُصَلِّي على سيدنَا الْمُصْطَفى وعَلى آله مصابيح الدجى وَأَصْحَابه أَئِمَّة الورى.
ولصناعة المعروف آداب، يتعلق بعضها بالصانع، وبعضها بالمصنوع له.
ومن الآداب المتعلقة بمن صُنِع له المعروف:
1- شكر الله عز وجل أولاً، إذ هو المنعم الحقيقي، فهو أولى بالحمد من كل أحد، قال الله {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون}[النحل:83] قال عون بن عبد الله: إنكارهم إياها: أن يقول الرجل: لولا فلان أصابني كذا وكذا، ولولا فلان لم أصب كذا وكذا.[الدر المنثور 5/155] وقد أسدي إلى بعض السلف معروف، فشكر الله ، ثم عاد إلى صاحبه في اليوم الثاني فشكره على معروفه، وقال: استحييت من الله أن أضيف شكرك إلى شكره.
2- شكر صاحب المعروف فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" [الترمذي ح1945، أبو داود ح4811، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح].
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن استجار بالله فأجيروه ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه". [النسائي ح2567، أبو داود ح5109]
وعن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء". [الترمذي ح2035]
قال المكي بن إبراهيم كنا عند ابن جريج المكي فجاء سائل فسأله فقال ابن جريج لخازنه: أعطه ديناراً فقال: ما عندي إلا دينار، إن أعطيته جعت وعيالك، قال: فغضب وقال: أعطه.
قال المكي: فنحن عند ابن جريج إذ جاءه رجل بكتاب وصرة، وقد بعث إليه بعض إخوانه، وفي الكتاب إني قد بعثت خمسين ديناراً قال: فحل ابن جريج الصرة فعدها، فإذا هي أحد وخمسون ديناراً، قال: فقال ابن جريج لخازنه: قد أعطيت واحداً فرده الله عليك وزادك خمسين ديناراً [ذكره الترمذي عقب الحديث السابق]
3- أن يقبل المعروف الذي أسدي إليه، فعن خالد بن عدي الجهني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه". [أحمد ح17477]
ومن الآداب المتعلقة بصانع المعروف:
1- إخلاصه وإسراره بالعمل وعدم انتظار العوض من الناس، قال تعالى: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً} [الإنسان:9]
وهذا عدي بن حاتم لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المعروف والخير الذي كان يصنعه أبوه في الجاهلية ابتغاء المدح والذكر الحسن، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن أباك أراد شيئاً فأدركه" [أحمد ح1888] أي الأجر من الناس بالثناء.
وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا". [أبو داود ح3541]
ومن الإخلاص الإسرار بالمعروف،قال تعالى {إن تبدو الصدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} [البقرة:271] قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء" [الحاكم ح4]، وقال في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه". [البخاري ح660، مسلم1031]
2- أن يبذله لمن يستحقه ويحتاج إليه من إنسان أو حيوان، أن يبذله للبر والفاجر بل والكافر.
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يغرس مسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان ولا طائر ولا شيء إلا كان له أجر" [رواه الطبراني في الأوسط ، وقال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد 3/134]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله" [البخاري ح1421، مسلم ح1022]
3- أن يعلم أن معروفه نوع من المعاملة مع الله قبل أن يكون معاملة مع الخلق، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده.
يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي". [مسلم ح2569]
4- أنه يقع عند الله بمكان مهما صغر شأنه عند الله، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس" [البخاري ح2472، مسلم ح1914]
5- أن يبادر إلى حاجة أخيه ولو لم يطلبها منه، جاء مديون إلى سفيان بن عيينة يسأله العون على قضاء حاجته، فأعانه ثم بكى، فقالت له زوجته: ما يبكيك؟ فقال: أبكي أن أحتاج أخي فلم أشعر بحاجته حتى سألني.
6- المسارعة بالخير والمسابقة إليه {فاستبقوا الخيرات} [البقرة:148] عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً أو موقوفاً (التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة). [أبو داود ح4810]
7- أن يستصغر معروفه ولا يمن به {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} [البقرة:264].
قال علي رضي الله تعالى عنه إذا وضع الإحسان في الكريم أثمر خيرا وإذا وضع في اللئيم أثمر شرا كالغيث يقع في الأصداف فيثمر الدر ويقع في فم الأفاعي فيثمر السم.
عدد القراء : 655