shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

#فقه_الحياة #كورونا مسكينا ذا متربة

#فقه_الحياة #كورونا مسكينا ذا متربة

إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيماً ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة.

الحمد لله رب العالمين، الذي أخبرنا محذراً من عمل غير المؤمنين، يوم يسألون وهم في نار الجحيم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر:42 - 45].

والصلاة والسلام على رسوله الأمين القائل: كما المعجم الكبير للطبراني (13/159)، 385 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا سَمِعْتُهُ، يَقُولُ: «أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».

وبعد: سورة البلد سورة مكية ذكر الله عز وجل في أولها ما قدر على الإنسان في هذه الدنيا، من المشقة والتعب والأكدار والأحزان والمكابدة، ولهذا حث على الصبر والتحمل وعدم التضجر مما يبتلي به في هذه الدنيا، ولينظر لدار ليس فيها نكد ولا حزن وهي الجنة فتكون هدفه ومستقرة برحمة الله.

أثنى جل ثناؤه على أقوام آثروا على أنفسهم غيرهم بطعامهم، وهم محتاجون إليه. فقال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: 8 - 10].

ثم أخبر عز وجل أنه قبل منهم ما تقربوا به إليه. وأمنهم بما خافوه، فقال: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 11 - 12].

فدل ذلك على فضل الإطعام لوجه الله تعالى.

يقول: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 14 - 16].

هي آيات العدالة الاجتماعية، لتصحيح الأوضاع المادية التي أباحت وجود مقتدر ذي مال لبد، ويتيم جائع ذي مقربة أو مسكين ذي متربة.

وضع مؤلم، يستطيع الإنسان أن يدركه ببصره وبصيرته، بحسه وبفطرته، ويستطيع معه أن يميز طريق الخير.

في صحيح البخاري (2/125)، 1479 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلاَ يُفْطَنُ بِهِ، فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلاَ يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ».

ومع ذلك لا يتعرض للناس، لا يسأل، وهذا لا شك أنه أحوج من الذي يتعرض للناس.

لقد بلغت الحاجة بالمسكين أن لصق جلده بالتراب من غير حائل؛ ففي صحيح البخاري (2/125)، 1479 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلاَ يُفْطَنُ بِهِ، فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلاَ يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ».

{مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَا مَتْرَبَةٍ هُوَ الْمَطْرُوحُ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي لَا بَيْتَ لَهُ وَلَا شَيْءَ يَقِيهِ مِنَ التُّرَابِ.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "الْمَتْرَبَةُ شِدَّةُ الْحَاجَةِ.

عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] قَالَ: " يَقُولُ: هُوَ الْمِسْكِينُ السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ "

قَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ الْفَقِيرُ الْمَدْيُونُ الْمُحْتَاجُ.

هُوَ ذُو الْعِيَالِ الْكَثِيرِ الَّذِينَ قَدْ لَصَقُوا بِالتُّرَابِ مِنَ الضُّرِّ وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ.

أى: مسكيناً ذا حاجة شديدة، حتى لكأنه قد لصق بالتراب من شدة الفاقة.

ومن معاني المسكين: هو الفقير المتعفف الذي لا يسأل الناس.

فالواجب: إطعام المسكين الذي لا وسيلة له إلى كسب المال لضعفه وعجزه. فهو ذو مَتْرَبَةٍ وحاجة وافتقار.

المسكين هو الذي يسكن حيث يحل، لأجل أنه ليس له بيت يسكن فيه، وذلك يدل على نهاية الضرر والبؤس.

إن نفع الصدقة يتعدى لغيرك مع حصولك على الأجر العظيم والثواب الكثير، لما في الصدقة من التكافل والتآزر بين المسلمين وسد حاجة معوزهم وإعانته على أمور دينه ودنياه.

تأملوا ثناء الله على من يطعمون الطعام، فهم في قائمة الأبرار، وهم من عباد الله.

إنها شبكة من العلاقات يقيمها الإسلامُ بإطعام الطعام لتشمل المسكين واليتيم والأسير، القريب والبعيد.

دعوة من الإسلام لإطعام الطعام؟ إنها أعمالٌ وحركاتٌ يسيرةٌ نمارسها، وقد لا نشعر بقيمتها في ربط العلاقات، وإفشاء الخير في المجتمعات.

فكيف إذا أفشيتَ السلام على صغير، أو عُدت مريضًا، أو أعنت ضعيفًا، أو قضيت حاجةَ معوز، أو شفعت لصاحب حاجة، أو تبعت جنازةً، أو أهديت لقريب أو في زمن عيد هديةً.

الحسنة في ذاتها تتفاوت بحسب حاجة المحتاج، كما أنها تتفاوت بتفاوت الزمان والمكان.

إذا اجتمع فضيلة الوقت وحاجة الفقير تقدم حاجة الفقير؛ فمثلاً إذا كان عند الإنسان زكاة، وقدر أن الناس أصيبوا بمسبغة قبل حلول أجلها (حولان الحول) في رمضان وهو وقت فاضل وهو محل للصدقة؛ لكن اشتدت حاجة الفقراء قبل رمضان فالأفضل أن نبادر وأن ندفع حاجة الفقراء.

والقاعدة الفقهية تقول: إذا اجتمع في العبادة فضيلة تتعلق بمكانها أو زمانها أو في نفس العبادة؛ فأولى بالمراعاة ما يتعلق بنفس العبادة.

عدد القراء : 565