صلاة الضحى
328 صلاة الضحى 10 9 1441 2 5 2020
الفصل السادس: سننٌ ونوافلُ خاصة
المبحث الأول: صلاة الضحى
تعريف الضحى في اللغة:
يستعمل مفرداً، وهو فويق الضحوة، وهو حين تشرق الشمس إلى أن يمتد النهار، أو إلى أن يصفو ضوءها، وبعده الضَحاء.
والضَحاء - بالفتح والمد - هو إذا علت الشمس إلى رُبْعِ السَّمَاءِ، فما بعده([1]).
الضحى عند الفقهاء:
ما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها([2]).
وقد تسمى صلاةُ الضحى بصلاةِ الأوابين، وصلاةِ الإشراق.
الحكم التكليفي:
صلاة الضحى نافلة مستحبة عند جمهور الفقهاء، وصرح المالكية والشافعية بأنها سنة مؤكدة([3]).
فقد روى أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يُصْبِحُ عَلَى كُل سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُل تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُل تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى"([4]).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أَوْصَانِي حَبِيبِي بِثَلاَثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُل شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ([5]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُل شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْل أَنْ أَرْقُدَ"([6]).
وقت صلاة الضحى:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن وقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى قبيل زوالها؛ ما لم يدخل وقت النهي([7]).
لا خلاف بين الفقهاء في أن الأفضل فعل صلاة الضحى إذا علت الشمس واشتد حرها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَال"([8])، ومعناه أن تحمى الرمضاء، وهي الرمل فتبرك الفصال (صغار الحيوان) من شدة الحر.
ومما يدل له ما روي عَنْ أَبِي مُرَّةَ الطَّائِفِيِّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "قَال اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ لاَ تُعْجِزُنِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّل نَهَارِكَ أَكْفِكَ آخِرَهُ"([9]).
عدد ركعات صلاة الضحى:
لا خلاف بين الفقهاء القائلين باستحباب صلاة الضحى في أن أقلها ركعتان([10]).
فقد روى أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يُصْبِحُ عَلَى كُل سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُل تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُل تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى"([11]).
وإنما اختلفوا في أقلها وأكثرها:
فذهب المالكية والحنابلة على المذهب إلى أن([12]): أكثر صلاة الضحى ثمان؛ لما روت أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة، وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود([13]).
ويرى الحنفية والشافعية في الوجه المرجوح، وأحمد في رواية عنه([14]): أن أكثر صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة، لما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الْجَنَّةِ"([15]).
واختلفت عبارة الشافعية في أكثر صلاة الضحى إذ ذكر النووي في المنهاج أن أكثرها اثنتا عشرة([16])، وخالف ذلك في شرح المهذب، فحكى عن الأكثرين: أن أكثرها ثمان ركعات([17])، وقال في روضة الطالبين: أفضلها ثمان وأكثرها اثنتا عشرة، ويسلم من كل ركعتين([18]).
([1]) معجم متن اللغة، والمصباح المنير، وعمدة القاري شرح صحيح البخاري (7/236 ط. المنيرية).
([2]) رَدُّ المحتار على الدُّر المختار (حاشية ابن عابدين)2/23، ط. دار الفكر.
([3]) الفتاوى الهندية 1/112، والمغني، ابن قدامة 2/131، والمجموع 4/36، وروضة الطالبين، النووي 1/332، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الدردير 1/313، والجامع لأحكام القرآن، القرطبي 15/160، وصحيح مسلم بشرح النووي 5/230 ط المطبعة المصرية.
([4]) أخرجه مسلم (1/499 ط. الحلبي).
([5]) أخرجه مسلم (1/499 ط الحلبي).
([6]) أخرجه البخاري (الفتح4/226) ومسلم (1/449، ط. الحلبي).
([7]) كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي 1/442.
([8]) أخرجه مسلم (1/516 ط الحلبي) من حديث زيد بن أرقم.
([9]) أخرجه أبو داود (2/63، تحقيق عزت عبيد دعاس).
([10]) الفتاوى الهندية 1/112، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الدردير 1/313، وروضة الطالبين، النووي 1/332، والإنصاف، المرداوي (2/190 نشر دار إحياء التراث العربي).
([11]) أخرجه مسلم (1/499 ط. الحلبي).
([12]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الدردير 1/313، والإنصاف، المرداوي 2/190، والمغني، ابن قدامة 2/131.
([13]) أخرجه البخاري (الفتح 2/578) ومسلم (1/497 ط. الحلبي).
([14]) رَدُّ المحتار على الدُّر المختار (حاشية ابن عابدين) 1/459، شرح المحلي على المنهاج 1/214، الإنصاف، المرداوي 2/190.
([15]) أخرجه الترمذي (2/337 ط الحلبي) وقال: حديث غريب.
([16]) شرح المحلي على منهاج الطالبين 1/214.
([18]) روضة الطالبين، النووي 1/332.
عدد القراء : 626