التقوى حفظ اللسان
التقوى حفظ اللسان
إنَّ حِفْظَ اللِّسَانَ مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ وَأَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ إذْ هُوَ تُرْجُمَانُ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مَنْظَرُ الرَّبِّ فَلَا يَنْبَغِي لِلتُّرْجُمَانِ أَنْ يَتَكَلَّمَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِلَّا فَيَسْتَحِقُّ الْمُعَاتَبَةَ.
عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَّقِي اللَّهَ عَبْدٌ حَقَّ تُقَاتِهِ حَتَّى يَخْزِنَ لِسَانَهُ.
يخزن لسانه: يحفظ لسانه، من خزن الشيء بمعنى: صان الشيء.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لا يَكُونُ الرجل من المتقين حتى يخزن لسانه.
في مسند الشهاب القضاعي (2/66)، 893 - عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَسْتَكْمِلُ أَحَدُكُمْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَخْزُنَ لِسَانَهُ».
«حَتَّى يَخْزُنَ لِسَانَهُ» كَالشَّيْءِ الْمَحْفُوظِ فِي الْخَزِينَةِ بِأَنْ لَا يُظْهِرَهُ بِلَا احْتِيَاجٍ سِيَّمَا عَنْ أَعْرَاضِ الْخَلْقِ وَاعْتِرَاضِ الْخَالِقِ.
يَخْزُنُ لِسَانَهُ مِمَّا كَانَ بَاطِلًا لَغْوًا عَاطِلًا فَيَخْزُنُهُ مِنْ الْبَاطِنِ خَوْفَ الْعِقَابِ وَمِنْ اللَّغْوِ وَالْهَذَيَانِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُبَاحِ خَوْفَ الْعِقَابِ ثُمَّ قَالَ وَاللِّسَانُ أَشْبَهُ الْأَعْضَاءِ بِالْقَلْبِ لِسُرْعَةِ حَرَكَتِهِ فَإِذَا خَفَّ بِنُطْقِهِ بِطَبْعِهِ وَسُرْعَةِ حَرَكَتِهِ أُورِثَ الْقَلْبُ سَقَمًا وَإِذَا فَسَدَ الْقَلْبُ فَسَدَ الْبَاطْنُ وَالظَّاهِرُ.
قال النووي في (الأذكار): بلغنا أن قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا فقال أحدهما لصاحبه: كم وجدت في ابن آدم من عيب؟ فقال: هى أكثر من أن تحصى، والذى أحصيته منها ثمانية آلاف عيب، ووجدت خلصة إذا استعملها ... سترت العيوب كلها، قال: ما هي؟ قال: حفظ اللسان.
وقال الإمامُ الشافعيُّ رحمهُ الله لصاحبه الرَّبِيع: يا ربيعُ! لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنك إذا تكلَّمتَ بالكلمةِ ملكتكَ، ولم تملكها.
وقالَ الثوري: (هَذَا زمان السّكُوت، وَلزُوم البيُوت، والرّضا بالقوت إلى أن تَمُوت).
وقال منصور الفقيه: الخير أجمع في السكوت ... وَفِي مُلَازَمَةِ الْبُيُوتِ ... فَإِذَا اسْتَوَى لَكَ ذَا وَذَا ... لِكَ فَاقْتَنِعْ بِأَقَلِّ قُوتِ.
وقال الفضيل بن عياض: هذا زمان سوء، احفظ لسانك، وأخف مكانك، وعالج قلبك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر.
وقال الإمام القُشيري: الصمتُ سلامةٌ، وهو الأصل، والسكوتُ في وقته صفةُ الرجال.
ونختم بما في سنن الترمذي، (4/605)، 2406 - عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: «امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ»: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ».
عدد القراء : 778