shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

الألفة رحمة والفرقة عذاب

الألفة رحمة والفرقة عذاب

الْأُلْفَةُ والأخـوَّة

أهمية الْأُلْفَةِ والأخوِّة: قضت الشريعة الإسلامية بالْأُلْفَةِ والتآخي، لما يعترض حالنا في هذه الحياة من العوائق والمصاعب، وما ينتابُها من النوائب والمصاعب، مما لا يقدر الفرد على احتماله أو دفع أضراره.

فبالْأُلْفَةِ والأخوة تتوطَّد العلائقُ بين الأفراد، وتقوى الرابطةُ بين الجماعات، ويعمل الكلُّ متَّحدين على مكافحة معترضات الحياة، وتذليلِ صعابِها، فتُفتحُ أمامَهم الطرقَ، ويسهُل عليهم عبورُها، حتى يصلوا إلى ما يشاؤون من بلوغ النجاح ونيلِ الآمال، ومن هذا يتضحُ لك سوء عاقبة من انشقّ على إخوانه، وقطع حبلَ المودةِ فيما بينه وبينهم، فإنَّه لا يزال تتخبطه الوساوسُ، وتتلقفُه الحوادثُ، ولا من يرشده أو يشاركه في دفع ضرٍّ أو جرِّ مَغنم.

شواهد الْأُلْفَةِ والأخوة من القرآن:

قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}. [آل عمران: 103].

وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. [الحجرات: 10].

وقال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ([1]) إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}. [الحجر 47].

شواهد الْأُلْفَةِ والأخوة من السنة:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه"([2]).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الأرواح جنودٌ مجندةٌ، فما تعارفَ منها ائتلفَ، وما تناكرَ منها اختلف".([3])

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إياكم والظن، فإن الظنَّ أكذب الحديث، ولا تجسَّسوا، ولا تحسَّسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخواناً".([4])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلِّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام".([5])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا أوَلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".([6])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤمن ألِفٌ مألوفٌ. ولا خير فيمن لا يألَفْ ولا يُؤلفْ".([7])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من رجلين تحابَّا في الله بظهر الغيب، إلا كان أحبُّهما إلى الله أشدَّهما حبَّاً لصاحبه".([8])

وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يحلّ لمسلم أن يهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ يلتقيان فيصدّ هذا، ويصدّ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".([9])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضاً".([10])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كل معروفٍ صدقة. وإنَّ من المعروف أن تَلقى أخاك بوجهٍ طلْقٍ، وأن تُفرِغَ من دلوِكَ في إناء أخيك".([11])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "دبَّ إليكم داء الأمم: الحسدُ والبغضاءُ".([12])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاثٌ من كنَّ فيه وجدَ حلاوةَ الإيمان: أن يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحبَّ المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن يكرهَ أن يعوَد في الكفر كما يكرهُ أن يُقذَفَ في النار".([13])

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سبعةٌ يُظلُّهمُ اللهُ في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابٌ نشأ في عبادة ربِّه، ورجلٌ قلبُه معلقٌ في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجلٌ طلبتْهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ فقال: إني أخافُ اللهَ، ورجلٌ تصدَّق أخفى حتى لا تعلمَ شمالُهُ ما تُنفق يمينُهُ، ورجلٌ ذكرَ اللهَ خالياً ففاضتْ عيناه".([14])

شواهد الْأُلْفَةِ والأخوة من حكم الحكماء والعلماء وأدب الأدباء:

قال الإمام الغزالي: اعلم أنَّ الْأُلْفَةَ ثمرةُ حُسنِ الخُلُق، والتفرقَ ثمرةُ سوءِ الخُـلُق، فحسنُ الخُلُقِ يُوجبُ التحاببَ والتآلفَ والتوافقَ، وسوءُ الخُلُق يُثمرُ التباغضَ والتحاسدَ والتدابرَ.

وقال أحد الحكماء: المودةُ والْأُلْفَةُ سببُ التآلفِ، والتآلفُ سببُ القوةِ، والقوةُ حصنٌ منيعٌ وركنٌ شديدٌ، وبها يُمنعُ الضيم([15])، وتنالُ الرغائبُ، وتَنجحُ المقاصدُ.

وقال بعض الأدباء: أفضلُ الذخائر أخٌ وفيٌّ، حميمٌ، صادقُ المودَّةِ، لطيفُ الصُّحبة، يهتمُّ لشأنك اهتمامه بشأنه، ويتوفر([16]) على هنائك، كما يتوفر على هنائه.

وقال أحد الفصحاء: الصديقُ الحميمُ عُدَّةٌ في البلايا، وعمدةٌ في المحن، وبلسمٌ في النوائب، ومَرهمٌ في الشدائد.

شواهد الْأُلْفَةُ  والأخوة من الشعر:

قال الشاعر: (متقارب)

ومــا الـمــرءُ إلا بــإخــوانــــه كما تَـقـبِضُ الكفُّ بالمعصمِ([17])

ولا خيـر في الـكـفِّ مـقـطوعةٌ  ولا خير في الـساعد الأجذمِ([18])

 

وفّقني الله وإياكم لصالح القول والعمل ووقاني وإياكم شر مزالق الزلل.

 

([1]) غلّ: حقد وضغينة وعداوة.

([2]) رواه البخاري في كتاب الإيمان حديث رقم (13)، 1/14، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان، 1/49.

وأخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة حديث رقم (2515)، وقال: حديث صحيح.

([3]) رواه البخاري في كتاب الأنبياء حديث رقم (3158)، 3/1213.

وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، 8/41.

([4]) رواه البخاري في كتاب النكاح، حديث رقم (4849)، 5/1976. وتكرر في 5717 و 5719 و 6345.

([5]) رواه البخاري في كتاب الأدب، حديث رقم (5718)، 5/2253. وتكرر في 5726.

وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، 8/8.

([6]) رواه أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، 1/53.

([7]) قال الهيثمي: رواه أحمد والبزار عن أبي هريرة، ورجال أحمد رجال الصحيح. (مجمع الزوائد، 8/87).

([8]) قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، غير المعاض بن سليمان وهو ثقة، (مجمع الزوائد، 10/276).

([9]) أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، حديث رقم (1932)، 4/327. وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه أبو داود في كتاب الأدب، حديث رقم (4911)، 5/214. وأخرجه البخاري في كتاب الأدب، حديث رقم (5727)، 5/2256. وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، 8/9.

([10]) رواه الترمذي في كتاب البر والصلة، حديث رقم (1928)، 4/325 وقال: حديث صحيح حسن.

([11]) رواه الترمذي في كتاب البر والصلة، حديث رقم (1970)، 4/347 وقال: حديث حسن.

([12]) رواه النرمذي في كتاب صفة القيامة، حديث رقم (2510)، 4/664.

([13]) رواه البخاري في كتاب الإيمان، حديث رقم (16)، 1/14، وتكرر في 21 و 5694 و 6542.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان، 1/48.

([14]) رواه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة، حديث رقم (629)، 1/234-235. وتكرر في 1357 و 6114 و 6421.

وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، 3/93.

([15]) الضيم: الظلم.

([16]) يتوفر: يحافظ.

([17]) المعصم: موضع السوار من الساعد.

([18]) الأجذم: المقطوع.

عدد القراء : 689