shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

دليل مشروعية الاستسقاء

356 دليل مشروعية الاستسقاء 7 10 1441 30 5 2020

الفصل السادس: سننٌ ونوافلُ خاصة

المبحث السادس: صلاة الاستسقاء

تعريف الاستسقاء، وحكمه التكليفي.

دليل المشروعية:

ثبتت مشروعيته بالنص والإجماع.

أما النص فقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 – 12].

كما استدل له بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه والمسلمين من بعده، فقد وردت الأحاديث الصحيحة في استسقائه صلى الله عليه وسلم.

روى أنس رضي الله عنه: أن الناس قد قحطوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل رجل من باب المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب. فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وخشينا الهلاك على أنفسنا، فادع الله أن يسقينا. فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقًا مُغْدِقًا عَاجِلاً غَيْرَ رَائِثٍ". قال الراوي: ما كان في السماء قزعة، فارتفعت السحاب من هنا ومن هنا حتى صارت ركاماً، ثم مطرت سبعاً من الجمعة إلى الجمعة. ثم دخل ذلك الرجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، والسماء تسكب، فقال: يا رسول الله، تهدم البنيان، وانقطعت السبل، فادع الله أن يمسكه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لملالة بني آدم. قال الراوي: والله ما نرى في السماء خضراء. ثم رفع يديه، فقال: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآْكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ". فانجابت السماء عن المدينة حتى صارت حولها كالإكليل([1]).

واستدل أبو حنيفة بهذا الحديث وجعله أصلاً، وقال: إن السنة في الاستسقاء هي الدعاء لا غير، من غير صلاة ولا خروج.

واستدل جمهور الفقهاء بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله عز وجل ثم قال: "إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل أَنْ تَدْعُوَهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ". ثم قال: " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَفْعَل مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِل عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَل مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغًا إِلَى حِينٍ".

ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وَقَلَبَ أَوْ حَوَّل رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت، وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الْكُنِّ([2]) ضحك حتى بدت نواجزه فقال: "أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٍ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"([3]).

وقد استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس، وقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبيك فتسقينا، وإنا نتوسل بعم نبيك فاسقنا؛ فيسقون([4]).

 

([1]) أخرجه البخاري (فتح الباري 2/508، 509، 212).

([2]) أي موضع الستر.

([3]) أخرجه أبو داود عون المعبود (2/354 - 355 ط المطبعة الأنصارية) وقال: (إسناده جيد).

([4]) أخرجه البخاري (فتح الباري 4/494).

عدد القراء : 436