كلمة في شهر ربيع الأول 1440
كلمة ربيع الأول 1440 هجري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم الرزاق، والصلاة والسلام على من بُعث لإتمام مكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التلاق، أما بعد:
لقد كان للأخلاق النبوية والآداب المحمدية أعظم الأثر في الدعوة والتربية، وبناء أمة قوية، وجيل رائد قادر على نشر الإسلام في كل جنبات هذا العالم الفسيح.
* فكم من الناس آمن بعد كفر؟
* وكم من الناس اهتدى بعد ضلال؟
* وكم من الناس انقاد بعد شرور، بسبب هذه الأخلاق النبوية الكريمة والشمائل المحمدية السامية؟
* وكم من الناس دخل في دين الله عز وجل بسبب حلم النبي r وعلمه؟
* وكم من الناس دخل في الإسلام بسبب عفوه ورحمته؟
* وكم من الناس دخل في الإسلام بسبب إيثاره وجوده؟
* وكم من الناس دخل في الإسلام بسبب عدله ومروءته؟
* وكم من الناس دخل في الإسلام بسبب زهده وافتقاره؟
* وكم من الناس دخل في الإسلام بسبب قوته وبأسه وشجاعته؟
لقد كان محمد r يربي أصحابه على مكارم الأخلاق، ورفيع الآداب، ومعالي الخصال، فكان – دائما - يحثهم على إحسان معاملة الخلق، والتواضع لهم، والشفقة عليهم، والرحمة بهم، والسعي في حوائجهم، وأخبر أن ذلك مما يتقرب به المرء إلى ربه، وينال به الدرجات العلا.
إن الأزمة التي يعيشها العالم اليوم هي - في جانب كبير منها - أزمة أخلاقية، ولن يستقيم لنا حال، ولن نفلح في إعادة الحياة الإسلامية على منهاج النبوة إلا بالتعامل فيما بيننا من خلال مكارم الأخلاق.
لقد غابت أخلاق النبوة بين المسلمين إلا من رحم ربي، وإلا فأين هذه الأخلاق في واقع المسلمين وسلوكهم؟
أين الآداب النبوية في العبادات والمعاملات؟
أين الفضائل والشمائل المحمدية في دنيا الناس؟
أين دعوى المحبة العريضة التي يطلقها أكثر الخلق؟
إن الناس – قديما - كانوا يدخلون في دين الله أفواجا بسبب أخلاق تجار المسلمين، فدار الزمان دورته، وأصبح الناس يُصدون عن دين الله من قبل أخلاق المسلمين.
نعم لقد أهمل أكثر المسلمين هذا الجانب المهم، وتلك القضية الكبرى، وآثروا النـزاع والتناحر، وذلك لأن القلوب خاوية، والنفوس خربة، وأخلاق النبوة بعيدة عن هذا كله، ودعوة النبي r أرفع من هذه الفوضى وتلك الأحقاد.
* فلماذا لا نجتمع على هذا الجانب الأخلاقي الذي لا نجد فيه خلافا البتة؟
* لماذا يبحث كل منا عن خطأ الآخر، ولا يجد له عذرا بينما يعمى عن أخطاء نفسه، وإذا شعر بخطأ واحد، أوجد لنفسه مئات المعاذير؟
* لماذا نتناحر ونتدابر ونتباغض وديننا واحد، وربنا واحد، ورسولنا واحد، وكتابنا واحد، وقبلتنا واحدة؟
ألا ما أكثر ما يمكن أن يجتمع عليه المؤمنون في دين الله عز وجل.
}لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا{ [الأحزاب: 22]، }لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ{ [التوبة: 128]، }وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ{ [الأنبياء: 107]، }وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{ [القلم: 4]، }فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ{ [آل عمران: 159].
رحمة أرسله الله لنا |
|
وشفيعا قد غدا فينا غدا |
وهب المالَ لمن مال له |
|
وفدى من ذنبه من وفدا |
ليس يحصي فضلَه إلا الذي |
|
هو أحصى كل شيء عددا |
عدد القراء : 1353