التشريع في عصر الخلفاء الراشدين
التشريع في عصر الخلفاء الراشدين
مصادر التشريع في عصر الخلفاء الراشدين
- القران الكريم
- السنة النبوية
- الاجتهاد
- I.المصدر الأول القرآن الكريم
- لما نزل شئ من القران, بلغه الرسول إلى جمهور المسلمين وأمر كتَّاب وحيه بكتابته,
من المسلمين من كان يكتفي بحفظه ما يتلقي, و منهم من كان يكتب.
- لم يجمع القران في مصحف واحد في عهد الرسول حتي توفي. وكان محفوظا في صدور المسلمين, وصحف كتاب الوحي, والصحف الأخري التي كانت بأيدي الكتاب ومنهم من كان يحفظه كله.
- i. جمع المصحف في عهد ابي بكر
- ii. الجمع الثاني: المصحف العثماني
- II.المصدر الثاني: السنة النبوة
السنة النبوة لم تجمع و لم تدون في عصر النبوة وكذلك في عصر الخلفاء الراشدين. وكانت محفوظة في صدور الرجال.
III. المصدر الثالث: الاجتهاد
الاجتهاد : بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي مما اعتبلره الشارع دليلا وهو كتاب الله وسنة نبيه, وهو يشمل ثلاثة وجوه:
o الوجه الأول : اخذ الحكم من ظواهر النصوص اذا كان محل الحكم مما تتناول تلك النصوص
o الوجه الثاني : اخذ الحكم من معقول النص
o الوجه الثالث : تنزيل الوقائع الجديدة علي القواعد العامة المأخوذة من الأدلة المتفرقة في القران والسنة
- a)اجتهاد الصحابة
توفي النبي وترك الامر شوري بينهم فكان لا بد من إعمال الرأي
- b)منهج الصحابة في سلوك طريق الاجتهاد
- المشورة
فقه الصحابة:
كان علماء الصحابة إذا سُئلوا في مسألة ما، نظروا في كتاب الله تعالى فإن لم يجدوا نظروا في سنة النبي صلى الله عليه و سلم، فإن لم يجدوا نصاً لا من الكتاب ولا من السنة، سألوا باقي الصحابة هل قضى أحد قبلنا في هذا الأمر بقضاء؟ فإن سمعوا أنَّ أحداً قضى بقضاء ونفذ ووجدوا أنَّ الأمر قريب قضوا.
ولقد كان الصحابة يتحفظون تحفظاً شديداً في الاجتهاد، فكان الواحد منهم إذا اضطر إلى الاجتهاد في حال عدم وجود نص، جمع مجلس الشورى وطرح القضية التي هو بصددها واستشار الصحابة العلماء وتجاذب معهم أطراف البحث والنقاش ولم ينفرد في إعطاء حكم، فإن انتهى إلى شيء - سواء كان أبو بكر أو عمر أو عثمان أو أي ممن جاء بعدهم - كان يقول: " هذا رأيي فإن كان صواباً فمن الله تعالى وإن كان خطأً فمني وأستغفر الله تعالى ".
وما أكثر ما كان يقول عمر: " لولا علي لهلك عمر ".
إذاً كان الصحابة يتواصون بالتدقيق في مسألة الاجتهاد بعد الشروط التي ذكرناها كلها، كما كانوا يتواصون فيما بينهم بالتريّث والفهم الشديد وعدم العجلة في الإفتاء، فها هو عمر لمّا أرسل كتابه لأبي موسى قال له بعد أن أمره أن يتتبع نصوص القرآن والسنّة فإن لم يجد، قال له: " الفهم، الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب الله و سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم "، أي لا تستعجل، تريَّث وفكِّر وتأمَّل.
ولا بد من الإشارة إلى أنَّ سيدنا عمر رضي الله عنه هو أول من فصل سلطة القضاء عن رئاسة الدولة، ففي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر كان كل منهما رئيس الدولة والقاضي في آن واحد . وفي عصر عمر، عندما اتسعت الفتوحات ولم يعد يجد الوقت كافياً لأن يجلس مجلس القضاء ومجلس إدارة أمور المسلمين، عندئذ فصل سلطة القضاء عن سلطة رئاسة الدولة وعيَّن أول قاضٍ أثناء خلافته وهو شريح رضي الله عنه.
وكان الصحابة لا يجيبون على سؤال فرض لم يقع بعد، فإذا سألهم سائل عن مسألة ما، كان أحدهم يجيب: " هل وقعت هذه المشكلة التي تسأل عنها "؟ فإن قال لا ما وقعت بعد ولكننا نحب أن نعلم إن وقعت هذه المشكلة ماذا نصنع ! كان الصحابي يجيب: " إذا وقعت فاسألوا عنها أمَّا الآن فقد كفانا الله مهمة البحث في أمر لم يقع ".
مثال: دية الأصابع، رجل قُطِعَت إصبعه، الخنصر أو البنصر أو السبابة أو الوسطى، ما هو القدر الذي ينبغي أن يؤخذ من الجاني كدية لهذا الإنسان؟
فكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الموضوع وهو لا يذكر في هذا حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يجتهد في الأمر، وأراد أن يجعل دية كل إصبع على حسب فائدة تلك الإصبع، ولكنه تريَّث وأخذ يسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، فجاء من أخبره أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قضى بأنَّ في كل إصبع عشراً من الإبل متساوية يعني في قطع الأصابع العشرة دية كاملة. فرجع عمر رضي الله عنه وقال: " إن كدنا لنقضي في هذا برأينا ".
مثال آخر دية الجنين: سُئِلَ سيدنا عمر رضي الله عنه عن دية الجنين، اعتدى إنسان على امرأة حامل فأسقطت جنيناً، ما الجزاء؟ وقف عمر يناشد المسلمين أن يكون فيهم رجلاً سمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً في الدية. معلوم في القرآن أنَّ عقاب من اعتدى على إنسان ومات، هو القصاص فإن عفى وليَّه تصبح عقوبته دفع الدية، هذا هو الحكم العام والجنين يُعتبَر إنساناً ومات، وعلى هذا يأخذ الجاني الحكم نفسه، إما القصاص وإما الدية.
و لكن عمر تريَّث، لعل في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئاً خاصاً. فقام أحد الصحابة وقال إنَّ جمل ابن مالك جاء يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كانت له زوجتان فتخاصمتا فضربت إحداهما الأخرى فألقت جنيناً ميتاً، فقضى رسول الله صلى الله عليه و لم للجنين بغُرَّة يعني بنصف عشر الدية (خمسة من الإبل) فتهلل وجه عمر باسماً.
عدد القراء : 5283