مفهوم (في سبيل الله)
522 مفهوم (في سبيل الله) 26 3 1442 12 11 2020
الباب الرابع: الـــزكـــاة
الفصل الرابع: مصارف الزكاة:
بيان الأصناف الثمانية:
المبحث الأول: الصنفان الأول والثاني: الفقراء والمساكين.
المبحث الثاني: الصنف الثالث: العاملون على الزكاة.
المبحث الثالث: الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم.
المبحث الرابع: الصنف الخامس: في الرقاب.
المبحث الخامس: الصنف السادس: الغارمون.
المبحث السادس: الصنف السابع: في سبيل الله.
مفهوم (في سبيل الله)
القرار([1]): بعد اطلاع المجلس على الاستفتاء الذي يطلب فيه الإفادة هل أحد مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في الآية الكريمة وهو {وَفِي سَبِيْلِ اللهِ} [التوبة: 60]، يُقْصًر معناه على الغزاة في سبيل الله، أم إن سبيل الله عام لكل وجه من وجوه البر من المرافق، والمصالح العامة؛ من بناء المساجد، والرُبُط، والقناطر، وتعليم العلم، وبث الدعاة... إلخ.
وبعد دراسة الموضوع، ومناقشته، وتداول الرأي فيه ظهر أن للعلماء في المسألة قولين:
أحدهما: قصر معنى {وَفِي سَبِيْلِ اللهِ} [التوبة: 60]، في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله، وهذا رأي جمهور العلماء.
وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب {وَفِي سَبِيْلِ اللهِ} [التوبة: 60]، من الزكاة على المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالى.
القول الثاني: إن سبيل الله شامل عام لكل طرق الخير، والمرافق العامة للمسلمين؛ من بناء المساجد، وصيانتها، وبناء المدارس، والرُبُط، وفتح الطرق، وبناء الجسور، وإعداد المؤن الحربية، وبث الدعاة، وغير ذلك من المرافق العامة مما ينفع الدَّيْن، وينفع المسلمين.
وهذا قول قلة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين.
وبعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
أولاً: نظراً إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظاً من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل:
قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا ولاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262].
ومن الأحاديث: عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ إِنَّ رَجُلاً أَوْصَى إِلَيَّ، وَجَعَلَ نَاقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَيْسَ هَذَا زَمَانًا؛ يُخْرَجُ إِلَى الْغَزْوِ، فَأَحْمِلُ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَر رضي الله عنهما: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ([2]).
ثانياً: ونظراً إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن إعلاء كلمة الله تعالى كما يكون بالقتال، يكون بالدعوة إلى الله تعالى ونشر دِيْنه؛ بإعداد الدعاة ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم، فيكون كلا الأمرين جهاداً؛ لما ورد عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ"([3]).
ثالثاً: ونظراً إلى أن الإسلام محارَب - بالغزو الفكري والعقدي من أعداء الدِّيْن، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي؛ فإنه يتعين على المسلمين أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام، وبما هو أنكى منه.
رابعاً: ونظراً إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة؛ بخلاف الجهاد بالدعوة؛ فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.
لذلك كله فإن المجلس يقرر - بالأكثرية المطلقة - دخول الدعوة إلى الله تعالى، وما يتعين عليها، ويدعم أعمالها في معنى {وَفِي سَبِيْلِ اللهِ} [التوبة: 60]، في الآية الكريمة التي نصت على مصارف الزكاة.
([1]) القرار رقم (4)، في الدورة الثامنة لمجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي.
([3]) سنن أبي داود، والنسائي، وأحمد في مسنده، والدارمي في السنن.
عدد القراء : 532