الحكمة من تحريم كنز الأموال في الإسلام
الحكمة من تحريم كنز الأموال في الإسلام
ما هي المبررات التي ارتكز عليها الإسلام في تحريم كنز الأموال؟ وشكرا.
الفَتْوَى
ننبه إلى أن أحكام الله تعالى لا تحتاج إلى مبررات؛ فهو المالك للكون، ومستحق التصرف فيه.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن الحكمة من تحريم كنز الأموال جلية ظاهرة.
فالإسلام قرر أن المال مال الله وأن حائزه ليس إلا وسيطا مستخلفا فيه قال تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد: 7].
وقال تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ {النور: 33} .
وإذا تقرر هذا المبدأ فإن الخليفة في صرف المال ملزم بالتصرف وفق أمر موكله.
وقد فرض الإسلام تعاوناً اجتماعياً بأمره الأغنياء أن يؤتوا المال للمحتاجين بشكل حق يؤدى عند حلوله.
قال تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ {المعارج: 4-25}،
وقال تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ {البلد:12-16} .
وقد أكد هذا التعاون النبي صلى الله عليه وسلم بإقرار الشركة بينهم بقوله: " المسلمون شركاء في ثلاث: في الكلأ والماء والنار "، [رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد].
وبقوله عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم وغيره: " من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل ".
بل إن الإسلام يقرر هذا التعاون مِن قِبَل القادرين عليه إلى كل محتاج ومسكين، ولو كانت بينهما حزازات وخصومات شخصية، قال تعالى: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {النور: 22} .
وهدد سبحانه وتعالى من يمتنعون من صرف المال في مصارفه حيث قال جل من قائل: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}. {التوبة: 34-35}.
وقال تعالى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {آل عمران: 180} .
ولا نحسب أن الحكمة في شيء من هذا تخفى على عاقل.
عدد القراء : 764