shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

سددوا ديونكم‏ المعنوية‎

سددوا ديونكم‏ المعنوية

سَددوا ديونكم المعنوية..القلبيه..التي لا يعلمها الا الله.

كلنا يفكر بأنَّ الدين هو دينٌ مادي.

‌‎كنتُ يوماً واقفاً لأصلي على جنازةِ شخص.

فسمعتُ الشيخ يقول جملةً (يا جماعة لو أن لأحد منكم على هذا الرجل دين معنوي..فليسامحه)

‌‎ماذا يقصد بالدِّين المعنوي؟

‌‎هو أن تظلم أحداً ليس له مُعينٌ سوى الله.

أو تنام وغيرك قلبهُ يبكي ألماً منك ومن تصرفاتك

أن تتعمد التقليل من شأن غيرك فيشتكيك إلى الله الديان.

عندما تكسر بخاطر أحدهم فيلتجئ ضعفاً وقهراً للجبار.

هل ذكرت أحداً بسوء، أو نقلت كلاماً سيئاً عنه، أو ظلمته، أو كسرت خاطره بكلمةٍ أو جرحته، أو اغتبته أو شتمته، أو نهشت عرضه، أو لمزته، أو رميته بالزنا أو السرقة؟

...

الدين المعنوي أصعب وأخطر من الدين المادي.

يقول الشاعر: "جروح السِنان لها التئامٌ ولا يلتئم ما جرح اللسان".

الدينُ المادي قد يُسدده الورثة عنك حُباً أو رحمةً بك.

لكن مَن ذا سيسددُ الدين المعنوي عنك.

وكم هي قيمة ذلك الدَّين؟

دَينُ الخاطرِ والقلوب أكبرُ عند ربّ القلوب؛لأنك الوحيد المسؤول عنه.

واعلم أنه لا يسقطُ عنك بتوبةٍ أو صلاةٍ.

إنهُ بينك وبين المدين له..

لا حبيب ولا قريب يستطيع أن يُسدده عنك.

فليهنأ مَنْ يراعي مشاعرَ غيره.

ويسددّ دينهُ قبل أن يُسأل عنه.

الذي لا يُؤدِّي الحقوق في الدُّنيا فسيؤديها يوم القيامة؛ففي الدُّنيا سيُؤدِّي المال مالاً، ويمكن أن يعفو غريمه ويسامح، أمَّا يوم القيامة فسيؤدي ديونه من حسناته، والمفترض أنَّ الإنسان يحتفظ بحسناته؛لأنَّه لا يدري هل ستدخله حسناته الجنَّة أو لا تكفي؟ فما هي الديون المعنوية (القلبية)؟ وكيف يمكن سدادها والاستبراء منها؟

وحول كيفية سداد الديون المعنوية،

هناك من قال إنه يجب المصارحة بها، وهناك من لم يقبل بهذه المصارحة؛لأنها تزيد الإشكاليات والخلاف بين الناس؛لأن البعض لا يتقبل الكلام السيء الذي قيل في حقه، ونفوس الناس في زماننا قد لا تتحمل الإخبار بما قد حصل من الغيبة والنميمة ونحوها من المظالم، وقد تتسبب بزوال ما بينهما من كمال الألفة والمحبة، أو تجدد القطيعة والبغضاء،

فالحل يكون بالتوبة إلى الله والاستغفار والدعاء لهم.

فالإسلام حَفِظَ للإنسان كرامته وعرضه وهيبته وشرفه سواء كان حياً أم ميتاً؛

فقد نهى الإسلام عن الغيبة والتجسس والبحث عن عورات المسلمين والسخرية من الناس والتنابز بالألقاب واللمز فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات:11]، وكل ذلك من الأمور المعنوية الروحية التي يجب على الإنسان أن يراعيها، ومن ضمنها قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12].

فمطلوب من الإنسان أن يراعي حقوق الآخرين سواء كانت مادية أو معنوية، لكن للأسف أن الناس ينظرون إلى أمر المطالبة في الحقوق المادية لا غير، وهم مُنكبّون حول السبل التي يمكن أن تعيد لهم حقوقهم المادية.

وكذلك نجد "الظالمين" حريصين على سداد الديون المادية؛لوجود مطالبة لهذه الحقوق ومحاكم وقانون ويمكن أن تودي بهم إلى المهالك".

وحول الدافع وراء عدم سداد بعض الناس للديون المعنوية، هو قِصَر نظر هذه الطائفة من الناس عن الآخرة، فلو أنهم عظم في قلوبهم الوقوف بين يدي الله تعالى، واستحضروا قوله: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة:1]، وقوله: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [الصافات:24]، وقوله: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ} [القمر:53]، وقوله على لسان المجرمين: {مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف:49] لو استحضروا هذا الوقوف لكفّوا كثيراً عن الخوض في حقوق الناس المعنوية، وديون الناس القلبية.

عدد القراء : 2769