آثار الإيمان على الحياة
آثار الإيمان على الحياة(4)
إن الحديث عن الإيمان؛ أنه سلوك وعمل ينبع من صحة الاعتقاد، يجعلنا نتحدث عن أثر الإيمان في الحياة. فمن آثار الإيمان: سعة الرزق لأهل الإيمان والبركة فيه، ولا نعني هنا الزيادة العددية والرقمية، بل البركة في المال خير من كثرته، والله عز وجل عندما أمرنا أن نطلب المزيد، لم يأمرنا أن نطلب المزيد من المال، بل قال: {وَقُلْ رَبِيْ زِدْنِيْ عِلْمَاً}، فالمال لأهل الإيمان تجد فيه الخير والبركة والسعة. المؤمن –أيها الأحبة- لا يذهب منه شيء من المال في شراء ما لا يحمد عقباه، لا ترى مؤمناً يذهب شيء من ماله فيما يغضب الله –جلا وعلا-، فلا تراه يشتري إلا ما يصلح نفسه، وما يصون حياته؛ لأنه يعلم أنه مسؤول بين يدي الله سبحانه وتعالى عن هذا المال، من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟، وهنا يأتي أثر الإيمان في أن المؤمن إذا أقدم على عمل سأل عن نتائجه، وإذا أراد أن ينفق مالاً؛ نظر إلى مآله، عندها صان رزقه عن الربا وابتعد في رزقه عن الغش ولم يمارس أي نوع من أنواع الحِيَل، وكان بعيداً كل البعد عن المكر والخداع والكذب، وهنا تجد رزق المؤمن مباركاً، لأن الله سبحانه يقول: {وَمَن يَتَّقِِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}. نعم، إخوة الإيمان: من آثار الإيمان في حياة المؤمن: صدق التوكل على الله، وتفويض الأمور إلى الله، والاعتماد على الله في السعي في هذه الحياة، واستمداد العون منه في الشدة والرخاء؛ فالمؤمنون يجدون في توكلهم على الله راحة نفسية، وطمأنينة قلبية، إن أصابهم خير حمدوا الله –جل وعلا- وشكروه على نعمه، وإن أصابتهم شدة صبروا وشكروا، ولسان حالهم ومقالهم هو قول القرآن: {قُل لَّن يُّصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، وفي الآية الأخرى: {وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا}. أيها الأحبة: هاهو [خالد بن الوليد] رضي الله عنه، المؤمن الحق يُقَدَّم له في يوم من الأيام سم، من قِبَل طاغية من الطغاة، يقول له: إن كنت صادقاً في توكلك على الله -جل وعلا- واللجوء إليه، إن كنتم أيها المسلمون واثقون بالله، فاشرب هذه القارورة من السم، فما كان من خالد -رضي الله عنه- إلا أن أخذها وقال: بسم الله، توكلت على الله، قالها ثقة بالله -سبحانه وتعالى- ثم شرب السم، فلم يصبه إلا العافية، قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. نعم، إن هذا الذي يتوكل على الله؛ يكفيه رب العالمين شر الأعداء، نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون. أيها الأحبة: ومن آثار الإيمان انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، قال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ من رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ} فترى المؤمن منشرح الصدر، مطمئن القلب، قد آمن بالله تعالى ربَّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً ونبياً، ذاق حلاوة الإيمان، فانشرح صدره. وهاهو أحد المؤمنين يقول، وقد انشرح منه الصدر، فتلذذ بالعبادة بين يدي الله، والله لولا قيام الليل، أي منجاة بينه وبين ربه ومحبوبه وخالقه، والله لولا قيام الليل ما أحببت البقاء في هذه الدنيا، والله إن أهل الليل في ليلهم مع الله ألذ من أهل اللهو في لهوهم، والله إنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طربًا بذكر الله حتى أقول: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه، من صدق التوجه وطيب التلذذ بالخطاب بين العبد وربه، إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم عظيم. تلذذوا بالإيمان، وذاقوا حلاوة الإيمان فانشرحت صدورهم. أيها الأحبة: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا بالإيمان، وأن يحبب إلينا ذاك الإيمان وأن يزينه في قلوبنا، ونسألك اللهم أن تبعدنا عن الفسق والفسوق والعصيان يا أكرم الأكرمين.
|
عدد القراء : 1063