قضاء ما أفسده من صوم النفل
664 قضاء ما أفسده من صوم النفل 20 8 1442 3 4 2021
الباب الخامس:
كتاب الصيام
تعريف الصوم.
الحكم التكليفي.
فضل الصيام.
أنواع الصيام.
الصيام المفروض.
قضاء ما أفسده من صوم النفل:
ذهب الحنفية والمالكية إلى أن قضاءَ نفل الصوم إذا أفسده واجبٌ، واستدل له الحنفية: بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين، فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ، فأكلنا منه. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة - وكانت ابنة أبيها - فقالت: يا رسول الله، إنا كنا صائمتين فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ فأكلنا منه، قال: "اقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ مَكَانَهُ"([1])، ولأن ما أتى به قربة، فيجب صيانته وحفظه عن البطلان، وقضاؤه عند الإفساد؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، ولا يمكن ذلك إلا بإتيان الباقي، فيجب إتمامه، وقضاؤه عند الإفساد ضرورة، فصار كالحج والعمرة المتطوعين([2]).
والشافعية والحنابلة([3])، لا يوجبون إتمام نافلة الصوم، ولا يوجبون قضاءها إن فسدت، وذلك: لقول عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أهدي إلينا حَيْسٌ([4])، فقال: "أَرِنِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا"، فَأَكَل، وزاد النسائي: "إِنَّمَا مَثَلُ صَوْمِ الْمُتَطَوِّعِ مَثَلُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ الصَّدَقَةَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا"([5]).
ولحديث أم هانئ رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فدعا بشراب، فشرب، ثم ناولها فشربت، فقالت: يا رسول الله، أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِينُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ"، وفي رواية: "أَمِيرُ نَفْسِهِ"([6]).
ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً، فأتاني هو وأصحابه، فلما وضع الطعام، قال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ، وَتَكَلَّفَ لَكُمْ". ثم قال له: "أَفْطِرْ، وَصُمْ مَكَانَهُ يَوْمًا إِنْ شِئْتَ"([7])؛ ولأن القضاء يتبع المقضي عنه، فإذا لم يكن واجباً، لم يكن القضاء واجباً، بل يستحب([8])،
ونص الشافعية والحنابلة على أن مَن شرع في نافلة صوم لم يلزمه الإتمام، لكن يستحب، ولا كراهة ولا قضاء في قطع صوم التطوع مع العذر([9])، أما مع عدم العذر فيكره، لقوله تعالى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].
([1]) أخرجه الترمذي 3/103، وصوب إرساله.
([2]) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1/338، والهداية، المرغيناني وشروحها 2/280، ويُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الدردير 1/527.
([3]) جواهر الإكليل شرح مختصر خليل، للأبي (1/150 ط: دار المعرفة بيروت).
([4]) تمر مخلوط بسمن وأقط (الأقط : اللبن المحمض يجمد حتى يستحجر ويطبخ أو يطبخ به).
([5]) أخرجه مسلم (2/809 ط الحلبي) وزيادة النسائي في سننه (4/193، 194).
([6]) أخرجه الترمذي (3/100) والبيهقي في السنن الكبرى (4/276) وقال ابن التركماني في الجوهر النقي في الرد على البيهقي في هامش السنن للبيهقي (4/278): هذا الحديث مضطرب إسناداً ومتناً.
([7]) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/279 ط دائرة المعارف العثمانية) وحسن ابن حجر إسناده في فتح الباري شرح صحيح البخاري (1866).
([8]) كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 2/343 ط: مكتبة النصر. الرياض.
([9]) شرح المحلي وحاشية قليوبي عليه 2/74، والروض المربع 1/146.
عدد القراء : 547