رؤية الهلال بالعين
684 رؤية الهلال بالعين 11 9 1442 23 4 2021
الباب الخامس:
كتاب الصيام
تعريف الصوم.
الحكم التكليفي.
فضل الصيام.
أنواع الصيام.
ثبوت هلال شهر رمضان.
الحكم التكليفي لطلب رؤية الهلال.
طرق إثبات الهلال:
أولاً: الرؤية بالعين:
أ - الرؤية من الجم الغفير الذين تحصل بهم الاستفاضة:
هي رؤية الجم الغفير الذين لا يجيز العقل تواطؤهم على الكذب عادة، ولا يشترط في صفتهم ما يشترط في صفة الشاهد من البلوغ، والعدالة([1]). وهذا أحد تفسيري الاستفاضة، وقد ارتقت به إلى التواتر، أما التفسير الآخر للاستفاضة فقد حددت بما زاد على ثلاثة أشخاص([2]).
والتفسيران يلتقيان في أن هذه الرؤية تكون في حالة الصحو، وأنه يثبت بها دخول رمضان.
وقد قال بهذا النوع في الحالة المذكورة فقهاء الحنفية لإثبات هلال رمضان وهلال شوال([3]).
وقال به فقهاء المالكية لكنهم سكتوا عن اشتراط الصحو.
ب - رؤية عدلين:
نُقِل القول باشتراط رؤية عدلين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه([4])،
وقال بهذا الرأي فقهاء المالكية في حالة الغيم والصحو، في المصر الصغير والكبير؛ فيثبت برؤية العدلين الصوم والفطر وشهر ذي الحجة، واشترطوا في العدل: الإسلام، والذكورة، وما تقتضيه العدالة من العقل، والبلوغ، والالتزام بالإسلام([5]).
ونُقِل القول باشتراط عدلين في الشهادة التي يثبت بها هلال رمضان عن البويطي تلميذ الشافعي([6]).
ج - رؤية عدل واحد:
للفقهاء تفصيلات وشروط في قبول رؤية العدل الواحد، على النحو التالي:
قَبِل فقهاء الحنفية في رؤية هلال رمضان شهادة العدل الواحد في الغيمِ، أو الغبار، وانعدامِ صحو السماء، واكتَفَوا في وصف العدالة بترجيح الحسنات على السيئات، وقَبِلُوا شهادة مستور الحال، ولم يشترطوا الذكورة، واعتبروا الإعلام بالرؤية من قبيل الإخبار.
وتتم الشهادة عندهم في المصر أمام القاضي، وفي القرية في المسجد بين الناس.
ومَن رأى الهلال وحده ولم يقبل القاضي شهادته صام، فلو أفطر وجب عليه القضاء دون الكفارة([7]).
واستدل الحنفية على قبول شهادة العدل الواحد بما رواه ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرت الهلال الليلة، قال: "أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"؟ قال: نعم، قال: يَا بِلاَل، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا"([8]).
واستدلوا على قبول شهادة العدل الواحد بأن الإخبار برؤية الهلال هو من قبيل الرواية، وليس هو من قبيل الشهادة؛ لأنه يلزم المخبِر بالصوم، ومضمونُ الشهادة لا يُلْزِم الشاهد بشيء.
واستدلوا على قبول شهادة العدل الواحد بأن العدد ليس بشرط في الرواية فأمكن قبول خبر الواحد في رؤية الهلال بالشروط الواجب توفرها في الراوي لخبر ديني، وهي: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والعدالة([9]).
ولم يعتبر المالكية رؤية العدل الواحد في إثبات الهلال، ولم يوجبوا الصوم بمقتضاها على الجماعة([10])، وألزموا مَن رأى الهلال وحده بإعلام الإمام برؤيته؛ لاحتمال أن يكون غيره قد رأى أيضاً، أو علم فتجوز شهادتهما، وأوجبوا على الرائي المنفرد الصيام، ولو رَدَّ الإمام (القاضي) شهادته؛ فإن أفطر فعليه القضاء والكفارة([11]).
واستدلوا بما ورد عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يُشَكُّ فيه، فقال: إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألتهم، وأنهم كلهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ؛ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ؛ فَأَكْمِلُوا ثَلاَثِينَ؛ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ؛ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا"([12]).
والصحيح عند فقهاء الشافعية قبولُ رؤية العدل الواحد في هلال رمضان، وإلزامُ الجميع الصيام بمقتضاها احتياطاً للفرض؛ والإخبار بالرؤية هو من قبيل الشهادة، واستدلوا بقبول النبي صلى الله عليه وسلم إخبارَ ابن عمر وحده بهلال رمضان، وقبولِه إخبارَ أعرابي بذلك([13])، وأوجبوا على الرائي الصوم ولو لم يكن عدلاً([14]).
وقَبِلَ فقهاء الحنابلة([15]) في هلال رمضان رؤية العدل الواحد، ولم يشترطوا الذكورة ورفضوا شهادة مستور الحال في الصحو والغيم، ومستندهم قبول النبي صلى الله عليه وسلم خبر الأعرابي([16]).
([1])المقدمات على هامش المدونة، ابن رشد، 1/189.
([2]) الحطاب، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل 2/384 (دار الفكر ط 2: 1398/1978).
([3])بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني 2/80، دار الكتاب العربي بيروت، ط 2: 1402/1982.
([4]) المدونة الكبرى، الإمام مالك 1/174 (دار الفكر، ط 2: 1400/1980).
([5]) الحطاب: مواهب الجليل شرح مختصر خليل 2/381.
([6])المهذب، أبو إسحاق الشيرازي 1/179، ط. عيسى الحلبي، مصر.
([7])بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني 2/81.
([8]) أخرجه أبو داود (2/754 - 755 تحقيق عزت عبيد دعاس)، والترمذي (3/66 ط الحلبي)، وبين الترمذي أن أكثر رواته رووه مرسلاً، وكذا نقل الزيلعي عن النسائي أنه رجح الإرسال، يُنْظَر: نصب الراية (2/443 ط المجلس العلمي بالهند).
([9])بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني 2/81.
([10]) الحطاب: شرح مواهب الجليل 2/384، وزروق: شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني 1/291.
([11]) المدونة، الإمام مالك 1/174، وبداية المجتهد 1/293.
([12]) أخرجه النسائي (4/132 - 133 ط المكتبة التجارية) وإسناده صحيح.
([13]) أخرجه أبو داود (2/754 - 755 تحقيق عزت عبيد دعاس)، والترمذي (3/66 ط الحلبي)، وبين الترمذي أن أكثر رواته رووه مرسلاً، وكذا نقل الزيلعي عن النسائي أنه رجح الإرسال، يُنْظَر: نصب الراية (2/443 ط المجلس العلمي بالهند).
([14])المهذب، أبو إسحاق الشيرازي، (1/179).
([15])المغني، ابن قدامة (3/157 نشر مكتبة الرياض الحديثة)، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي 2/273 - 274.
([16]) أخرجه أبو داود (2/754 - 755 تحقيق عزت عبيد دعاس)، والترمذي (3/66 ط الحلبي)، وبين الترمذي أن أكثر رواته رووه مرسلاً، وكذا نقل الزيلعي عن النسائي أنه رجح الإرسال، يُنْظَر: نصب الراية (2/443 ط المجلس العلمي بالهند).
عدد القراء : 466
