shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

السبق عند ترويج البضائع:

السبق عند ترويج البضائع:

يقوم بعض المنتجين تشجيعاً للمستهلكين بوضع هدايا، أو بطاقات تحمل أرقاماً يجري عليها سحب، أو بطاقات اسمية تحمل أسماء هدايا يمنحها المنتج، وأشكال أخرى متشابهة في الصورة، مفادها: منح المنتجين هدايا وجوائز في مقابل ترويج بضائعهم، فما حكم مثل هذه الهدايا؟

للفقهاء اتجاهات:

القول الأول([1]): بحرمة مثل هذه التصرفات، قياساً على القمار (المَيْسِر)، فثمن السلعة في وجود السحب يختلف عن ثمنها في عدم وجود السحب؛ فالأول مرتفع ليغطي التاجر نفقات الجوائز؛ فالمشتري إذا ربح في السحب يكون قد ربح هذه الزيادة التي دفعها جميع المشترين، وأما الزبائن الذين لا يفوزون في السحب فإنهم يخسرون هذه الزيادة؛ فالكل متردد بين الغُرْم والغُنْم، وهذا هو القمار.

القول الثاني([2]): بالنظر إلى الهدية المعطاة للفائز على إثر إجراء السبق؛ فإن كانت الهدية بسيطة ومن عادة التجار وعُرْفِهم فلا بأس بها، أما إن كانت الهدية ذات قيمة كبيرة؛ كسيارة أو ثلاجة فلا يجوز؛ فالهدايا المعتادة تعبر عن تقدير المنتِج لزبائنه، أما إذا كانت الهدايا ذات قيمة كبيرة فعندها يندفع المشتري لشراء هذا المنتَج راغباً بأخذ القسائم التي يمنحها التاجر، ثم إن هذا العمل يُحدث ضرراً اقتصادياً بصغار التُّجار.

القول الثالث([3]): بالنظر إلى قصد المستهلك المشترك في السبق؛ فإن كان قصده الأساسي هو الشراء، والاشتراك تبع فلا بأس بذلك، أما إن كان قصده الاشتراك للحصول على الجائزة، وليس له غرض في الشراء ولا في السلعة فهو القمار المحظور، وما تدفعه الشركات هو نوع من الجوائز من طرف واحد، ولا يتحمل الطرف الآخر (المستهلك) أية خسارة، واختيار بعض الزبائن بواسطة القرعة لإعطائهم الجائزة لا حرج فيه شرعاً.

إذاً: أخلص من الأقوال الثلاثة إلى تفصيل الأمر بين المنتِج والمستهلك.

أولاً: جهة المنتِج، فقيمة الهدايا التي يرغب بمنحها إما أن تكون:

من أرباحه الخاصة؛ فهي هبة صحيحة، وهدية مشروعة، لتتوطد العلاقة التجارية بين المنتِج والمستهلك؛ سواء كانت الهدية داخل البضاعة مباشرة أو عن طريق رقم بطاقة تجري فيها القرعة لاختيار عدد محدود من مجموع الزائن.

بتقليل جودة البضاعة؛ لسد العجز الحاصل في منح الجوائز؛ فيندرج الأمر ضمن الغش المحرَّم، والتدليس الذي يُدخل الشبهة في المال في أقل تقدير ويُوصل إلى الحرام في أغلب الأحوال.

من أموال المستهلكين؛ بزيادة سعر البضاعة؛ لتكون هذه الزيادة هي ما يُعطى لبعض الزبائن هدايا؛ فالمسألة هي القمار بعينه.

ثانياً: جهة المستهلك؛ فطلبه للبضاعة إما أن يكون:

بدافع نوعية البضاعة وجودتها؛ فالعقد صحيح، وما قد يحصل عليه المستهلك من هدية عينية أو نقدية بإجراء قرعة أو بدونها لا يُؤثِّر على صحة العقد، وتُعد الهديـة في حقه هبة صحيحة وهدية مشروعة.

بدافع النوعية والرغبة في الهدية معاً؛ فقد اجتمع في العقد قصد شراء بضاعة معلومة مرغوب فيها، وقصد إمكانية الحصول على جائزة بلا بذل جهد فكري أو مجهود عضلي، فهو نوع من المغامرة في المجهول، والأصل في المعاملات البيان؛ لئلا تفضي أية جهالة فيه إلى منازعة، فقد يشكك المستهلك في جدية التاجر بمنحه الهدايا وبخاصة إذا حاول أكثر من مرة ولم يفلح في الحصول على أية جائزة.

بدافع الحصول على الهدية دون قصد البضاعة إلا عَرَضَاً؛ فالعقد تتضح فيه شبهة الجهالة التي قد تفضي إلى نزاع، والأصل أن كل جهالة قد تؤدي إلى نزاع تُفسد العقد.

ثانياً: جهة الهدية؛ فنوعية الهدية المبثوثة في البضاعة إما أن يكون:

معلومة؛ فالعقد صحيح؛ لاشتماله على معلومَين؛ البضاعة والهدية.

أو مجهولة؛ فالعقد فاسد؛ لاشتماله على معلوم ومجهول، وبيع المعلوم أو شراؤه جائز، أما بيع المجهول أو شراؤه فيندرج ضمن العقود الباطلة.

 

 

([1]) يُنْظَر: الميسر والقمار، الدكتور رفيق يونس المصري، ص 168-169.

([2]) يُنْظَر: فتاوى الشيخ مصطفى الزرقا، ص 513.

([3]) يُنْظَر: فتاوى معاصرة، الدكتور يوسف القرضاوي، 2/420.

عدد القراء : 556