shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

مشروعية صلاة التراويح

330 مشروعية صلاة التراويح 12 9 1441 4 5 2020

الفصل السادس: سننٌ ونوافلُ خاصة

المبحث الثالث: صلاة التراويح

التعريف التراويح:

جمع ترويحة، أي ترويحة للنفس، أي استراحة، من الراحة وهي زوال المشقة والتعب، والترويحة في الأصل اسم للجلسة مطلقة، وسميت الجلسة التي بعد أربع ركعات في ليالي رمضان بالترويحة للاستراحة، ثم سميت كل أربع ركعات ترويحة مجازاً، وسميت هذه الصلاة بالتراويح؛ لأنهم كانوا يطيلون القيام فيها، ويجلسون بعد كل أربع ركعات للاستراحة([1]).

وصلاة التراويح: هي قيام شهر رمضان، مثنى مثنى([2]).

مطلب: الحكم التكليفي:

اتفق الفقهاء على سنية صلاة التراويح، وهي عند الحنفية والحنابلة وبعض المالكية سنة مؤكدة، وهي سنة للرجال والنساء، وهي من أعلام الدين الظاهرة([3]).

وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح ورغب فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ عَلَيْكُمْ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ..."([4]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة([5])، فيقول: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"([6]).

وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة التراويح في بعض الليالي، ولم يواظب عليها، وبيَّن العذر في ترك المواظبة وهو خشية أن تكتب، فيعجزوا عنها([7]).

فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: "قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ"، وذلك في رمضان، زاد البخاري فيه: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ([8]).

وفي تعيين الليالي التي قامها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، روى أبو ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة؟ قال: فقال: "إِنَّ الرَّجُل إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ"، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر([9]).

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، وكانوا يسمونه السحور([10]).

وقد واظب الخلفاء الراشدون والمسلمون من زمن عمر رضي الله عنه على صلاة التراويح جماعة، وكان عمر رضي الله عنه هو الذي جمع الناس فيها على إمام واحد.

عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله([11]).

وروى أسد بن عمرو عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن التراويح، وما فعله عمر، فقال: التراويح سنة مؤكدة، ولم يتخرص([12]) عمر من تلقاء نفسه، ولم يكن فيه مبتدعاً، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه، وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد سنَّ عمر هذا، وجمع الناس على أبيّ بن كعب فصلاها جماعة؛ والصحابة متوافرون من المهاجرين والأنصار وما رَدَّ عليه واحد منهم، بل ساعدوه ووافقوه، وأمروا بذلك([13]).

 

([1]) المصباح المنير، قواعد الفقه 225، وفتح القدير، الكمال ابن الهمام 1/333، حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 2/321.

([2]) قواعد الفقه 352، الدسوقي 1/315، والمجموع 4/30، المغني، ابن قدامة 2/165.

([3]) الاختيار لتعليل المختار 1/68، ورَدُّ المحتار على الدُّر المختار (حاشية ابن عابدين) 1/472، والعدوي على كفاية الطالب 1/352، 2/321، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، الشربيني الخطيب 1/107، والمجموع 4/31، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 1/563.

([4]) أخرجه النسائي (4/158 ط. المكتبة التجارية) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وأشار قبلها إلى إعلال هذه الرواية.

([5]) المعنى: لا يأمرهم به أمر تحتيم وإلزام وهو العزيمة، بل أمر ندب وترغيب فيه بذكر فضله. المجموع 4/31، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، الشربيني الخطيب 1/107، الترغيب والترهيب 2/90.

([6]) أخرجه البخاري (الفتح 4/250)، ومسلم (1/523 ط. الحلبي).

([7]) فتح القدير، الكمال ابن الهمام 1/333، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، الشربيني الخطيب 1/107، ونهاية المحتاج، الرملي 2/121، المغني، ابن قدامة 2/166، الترغيب والترهيب 2/105، نيل الأوطار 3/5.

([8]) أخرجه البخاري (2012)، ومسلم (1/524 ط. الحلبي).

([9]) أخرجه أبو داود (2/105 ط. عزت عبيد دعاس)، والترمذي (3/160 ط. الحلبي)، وقال: حديث حسن صحيح.

([10]) أخرجه النسائي (3/203 ط. المكتبة التجارية) والحاكم في المستدرك (1/440 ط. دائرة المعارف العثمانية) وحسنه الذهبي.

([11]) أخرجه البخاري (الفتح 4/250).

([12]) من معاني الخرص: الكذب، وكل قول بالظن، يقال: تخرص عليه إذا افترى، واخترص إذا اختلق. (القاموس المحيط).

([13]) فتح القدير، الكمال ابن الهمام 1/333، والاختيار لتعليل المختار 1/68 - 69، المغني، ابن قدامة 2/166، المنتقى 1/207.

عدد القراء : 509