shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

الدرس الثاني من الأشباه والنظائر

الدرس الثاني من الأشباه والنظائر

تاريخ القواعد الفقهية عند الشافعية

أول من فتح هذا الباب سلطان العلماء عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام

حيث رجع الفقه كله إلى قاعدة واحدة، وهي اعتبار المصالح ودرء المفاسد، وألف في ذلك كتابين يدعى أحدهما بالقواعد الصغرى، والآخر بالقواعد الكبرى، كما قاله السيوطي في (الأشباه والنظائر النحوية) .

ثم جاء العلامة بدر الدين محمد الزركشي فتبعه في (القواعد) وألف كتاباً ضمنه القواعد الفقهية، وقبله كان الشيخ صدر الدين محمد بن عمر المعروف بابن الوكيل المتوفى سنة 716 هـ رحمه الله تعالى ألف كتاباً في.

(الأشباه والنظائر) تبع فيه ابن عبد السلام.

ثم جاء التاج السبكي فحرر كتاب ابن الوكيل في ذلك بإشارة من والده التقي السبكي، وجمع أقسام الفقه وأنواعه، ولم يجتمع ذلك في كتاب سواه.

ثم جاء العلامة سراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي المتوفى سنة 804 هـ) فألف كتاباً في (الأشباه والنظائر) ، والتقطه خفية من كتاب التاج السبكي رحمه الله تعالى.

ثم جاء الإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي فنقح جملة من القواعد في كتابه (شوارد الفوائد في الضوابط والقواعد) ثم عَمد إلى كتاب أوسع يضم جملة من العلوم الفقهية، يقال لمجموعها (الأشباه والنظائر) .

 

الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 4)

وَلَقَدْ نَوَّعُوا هَذَا الْفِقْهَ فُنُونًا وَأَنْوَاعًا، وَتَطَاوَلُوا [التَّطاوُلُ والاسْتِطَالَة التَّفَضُّل ورَفْعُ النَّفْسِ، وَاشْتِقَاقُ الطَّائِل مِنَ الطُّول.] فِي اسْتِنْبَاطِهِ يَدًا وَبَاعًا [الباعُ ما بينَ طرفَيْ يدي الإِنسانِ، إذا مدَّهما يمينًا وشِمالًا]، وَكَانَ مِنْ أَجَلِّ أَنْوَاعِهِ: مَعْرِفَة نَظَائِرِ الْفُرُوعِ وَأَشْبَاهِهَا، وَضَمُّ الْمُفْرَدَاتِ إلَى أَخَوَاتِهَا وَأَشْكَالِهَا.

وَلَعَمْرِي، إنَّ هَذَا الْفَنَّ لَا يُدْرَكُ بِالتَّمَنِّي، وَلَا يُنَالُ بـ (ِسَوْفَ) وَ(لَعَلَّ) وَ(لَوْ أَنِّي)، وَلَا يَبْلُغهُ إلَّا مَنْ كَشَفَ عَنْ سَاعِدِ الْجِدِّ وَشَمَّرَ، وَاعْتَزَلَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ [لَا يُنكر شدّ الميئزر لذَلِك حَقِيقَة أَو اسْتِعَارَة للْجدّ فِي الْعَمَل، قَالَت عَائِشَة كَانَ رَسُول الله إِذا دخل الْعشْر شدّ المئزر فِيهِ وَجْهَان ذكرهمَا ابْن قُتَيْبَة أَحدهمَا أَنه اعتزال النِّسَاء فكني عَن ذَلِك بشد المئزر قَالَ الأخطل

(قوم إِذا حَاربُوا شدوا مآزرهم ... عَن النِّسَاء وَلَو باتت بِإِظْهَار)

وَالثَّانِي أَنه الْجد فِي الْعِبَادَة تَقول قد شددت لهَذَا الْأَمر مئزري أَي جددت فِيهِ]، وَخَاضَ الْبِحَارَ وَخَالَطَ الْعَجَاجَ [العَجاجُ: الغبار، والدُخان]، وَلَازَمَ التَّرْدَادَ إلَى الْأَبْوَابِ فِي اللَّيْلِ الدَّاجِّ [المظلم]، يَدْأَبُ فِي التَّكْرَارِ وَالْمُطَالَعَةِ بُكْرَةً وَأَصِيلَا [صلاة الغداة؛ الفجر، الصبح، وصلاة العصر]، وَيُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلتَّأْلِيفِ وَالتَّحْرِيرِ بَيَاتًا وَمَقِيلَا [قال يقيل قيلولة؛ وهو نوم نصف النهار]، لَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ إلَّا مُعْضِلَةً يَحُلُّهَا، أَوْ مُسْتَصْعَبَةٌ عَزَّتْ عَلَى الْقَاصِرِينَ فَيَرْتَقِي إلَيْهَا وَيَحُلُّهَا، يُرَدُّ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ [لقول مأثور عن جمع من الأئمة: (ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم]، وَإِذَا عَذَلَهُ [لامه، العذل: اللوم] جَاهِلٌ لَا يَصُدُّ [الصَّدّ: الإِعْراضُ عن المقصود]، قَدْ ضَرَبَ مَعَ الْأَقْدَمِينَ بِسَهْمٍ، وَالْغُمْرُ [الغُمْر: بالضم من لم يجرب الأمور؛ نقيض الخبير] يَضْرِبُ فِي حَدِيدٍ بَارِدٍ [الخبير يضرب في حديد حامٍ]، وَحَلَّقَ عَلَى الْفَضَائِلِ وَاقْتَنَصَ الشَّوَارِدَ [الشوارد جمع شاردة، والمقصود بها هنا الفائدة المطلقة. قال الزَّبيدي في تاج العروس، مادحاً للْإِمَام مَجْدِ الدّين الشِّيرازي وَكَانَ فِيهَا كتابُ الْقَامُوس الْمُحِيط، أجلُّ مَا أُلّف فِي الْفَنّ، لاشْتِمَاله على كلِّ مُستحسَن، من قُصارَى فصاحة العَرَبِ العَرْبَاء، وبيضةِ منطِقها وزُبدة حِوارِها، والرُّكْنَ البديع إِلَى ذَرابة اللِّسَان، وغَرابَةِ اللَّسَن، حَيْثُ أَوْجَزَ لفظَه وأشْبَعَ مَعْنَاهُ، وقَصَّرَ عِبارَته وَأطَال مَغْزاه، لَوَّح فأَغرَقَ فِي التَّصْرِيح، وكَنى فأغنى عَن الإفصاح، وقَيَّدَ مِن الأوابد مَا أَعرض، واقتنصَ من الشوارد مَا أكثب]:

وَلَيْسَ عَلَى اللَّهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أَنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي وَاحِدٍ

يَقْتَحِمُ الْمَهَامِهَ الْمَهُولَةَ الشَّاقَّةَ، وَيَفْتَحُ الْأَبْوَابَ الْمُرْتَجَةَ [المغلقة]، إذَا قَالَ الْغَبِيُّ لَا طَاقَةَ، إنْ بَدَتْ لَهُ شَارِدَةٌ رَدَّهَا إلَى جَوْفِ الْفَرَا [فَرَا [مفرد]: ج أفراء وفِراء: حمار الوحش، وقيل الفتيّ منها ° كل الصيد في جَوْفِ الفَرَا [مثل]: يقصد به أن شخصًا واحدًا قد يَفْضُل جماعة ويُغني عنهم]، أَوْ شَرَدَتْ عَنْهُ نَادَّةً اقْتَنَصَهَا وَلَوْ أَنَّهَا فِي جَوْفِ السَّمَاءِ. لَهُ نَقْدٌ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْن الْهَبَابِ وَالْهَبَاءِ، وَنَظَرٌ يَحْكُمُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَفِكْر لَا يَأْتِي عَلَيْهِ تَمْوِيهُ الْأَغْبِيَاءِ، وَفَهْمٌ ثَاقِبٌ لَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ خَلْفِ جَبَلٍ قَافٍ لَخَرَقَهُ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهَا مِنْ وَرَاء، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْد، وَإِنَّمَا هُوَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.

عدد القراء : 639