تبييت النية شرط صحة الصوم
701 تبييت النية شرط صحة الصوم 28 9 1442 10 5 2021
الباب الخامس:
كتاب الصيام
تعريف الصوم.
الحكم التكليفي.
فضل الصيام.
أنواع الصيام.
ثبوت الأهلة.
ركن الصوم.
شروط الصوم:
أهم شرط لصحة الصوم: النية.
وصفة النية أن تكون جازمة، معينة، مبيتة، مجددة، على ما يلي:
أولاً: الجزم.
ثانياً: التعيين.
ثالثاً: التبييت: وهو شرط في صوم الفرض عند جمهور الفقهاء، والتبييت: إيقاع النية في الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر([1]). وذلك لحديث ابن عمر، عن حفصة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْل الْفَجْرِ، فَلاَ صِيَامَ لَهُ"([2]).
ولم يشترط الحنفية التبييت للنية في رمضان([3])، ولما لم يشترطوا تبييت النية في ليل رمضان، أجازوا النية بعد الفجر؛ دفعاً للحرج، حتى الضحوة الكبرى، فينوي قبلها ليكون الأكثر من النهار منوياً، فيكون له حكم الكل. والضحوة الكبرى: نصف النهار الشرعي، وهو من وقت طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وقالوا: الأفضل الصوم بنية معينة مبيتة؛ للخروج عن الخلاف([4]). ودليل الحنفية على ما ذهبوا إليه، من صحة النية حتى الضحوة الكبرى، وعدم شرطية التبييت: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الناس أصبحوا يوم الشك، فقدم أعرابي، وشهد برؤية الهلال، فقال صلى الله عليه وسلم: "أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُول اللَّهِ"؟ فقال: نعم، فقال عليه الصلاة والسلام: "اللَّهُ أَكْبَرُ، يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ أَحَدُهُمْ"، فصام، وأمر بالصيام، وأمر منادياً فنادى: "أَلاَ مَنْ أَكَل فَلاَ يَأْكُل بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُل فَلْيَصُمْ"([5]).
واستدلوا بما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: "مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيَصُمْ"([6]). وكان صوم عاشوراء واجباً، ثم نسخ بفرض رمضان([7]). واشترط الحنفية تبييت النية في صوم الكفارات، والنذور المطلقة، وقضاء رمضان.
أما النفل فيجوز صومه عند جمهور الفقهاء بنية؛ قبل الزوال([8])؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: "هَل عِنْدَكُمْ شَيْءٌ"؟، فقلنا: لا، فقال: "فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ"([9]).
ومذهب المالكية: أنه يشترط في صحة الصوم مطلقاً، فرضاً أو نفلاً، نية مبيتة([10])، وذلك لإطلاق الحديث: "مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْل الْفَجْرِ، فَلاَ صِيَامَ لَهُ"([11]).
ومذهب الحنابلة جواز النية في النفل، قبل الزوال وبعده، واستدلوا بحديث عائشة، وحديث صوم يوم عاشوراء([12]).
([1]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الدردير 1/520 و 521، والقوانين الفقهية ص 80، وشرح المحلي على المنهاج وحاشية قليوبي 2/52، وحاشية البجيرمي على شرح الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، الشربيني الخطيب 2/326.
([2]) أخرجه أبو داود (2/823 - 824)، وأورده ابن حجر في تلخيص الحبير، (881) ونقل عن غير واحد من العلماء أنهم أعلوه بالوقف.
([3]) الاختيار لتعليل المختار 1/127، والهداية، المرغيناني بشروحها 2/240 و 241.
([4]) الاختيار لتعليل المختار 1/127، ورَدُّ المحتار على الدُّر المختار (حاشية ابن عابدين) 2/85، وقارن بالمجموع 6/301.
([5]) ذكره الموصلي في الاختيار لتعليل المختار (1/126 و127) ولم يعزه إلى أي مصدر حديثي، ولم نهتد إلى من أخرجه بهذا اللفظ.
([6]) أخرجه البخاري (الفتح 4/200 ط. السلفية) ومسلم (2/798 ط. الحلبي) من حديث الربيع بنت معوذ.
([7]) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي عليه 1/314، ونظيره في شرح معاني الآثار للطحاوي (2/73، 75 ط. دار الكتب العلمية. بيروت).
([8]) الهداية، المرغيناني وشروحها 2/241، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني 2/85، والمجموع 6/292.
([9]) أخرجه مسلم (2/809 ط. الحلبي).
([10]) جواهر الإكليل شرح مختصر خليل 1/148، وشرح الخرشي 2/246، ويُنْظَر: الهداية، المرغيناني وشرح العناية 2/241.
([11]) أخرجه أبو داود (2/823 - 824)، وأورده ابن حجر في تلخيص الحبير، (881) ونقل عن غير واحد من العلماء أنهم أعلوه بالوقف.
([12]) كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي 2/317.
عدد القراء : 512