shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

كيف تكون من الذين آمنوا مع رسول الله

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف تكون من الذين آمنوا مع رسول الله

صلى الله عليه وسلم

15/3/1432 هـ

18/2/2011 م

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.

الحمد لله على نعمة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

 أنقذ الإنسانية ببعثة خاتم المرسلين وإمام المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله، تركنا على محجة البيضاء، من اعتصم بها هُدي، ومن ابتعد عنها هلك.

أما بعد فيا أيها المؤمنون:

{اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

اتقوا الله واحملوا هذه الأمانة لأبنائكم، ووصوا بها من بعدكم، {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [البقرة: 132].

فأنت أيها الإنسان خلق من مخلوقات الله، ولكنك تميزت عن غيرك بعقل مدبر وفكر ومعرفة، ثم أنت أيها المؤمن تميزت عن الإنسان بنور الإيمان وجلال وعظمة القرآن وهدي سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فما أجمل بأن تعتز بما أنت فيه، وما أحسن أن تحافظ على الذي فيه، فمن كان يرجو الله واليوم الآخر، فإن له في رسول الله أسوة حسنة بكمال الإيمان وحسن الإسلام، وأما من يريد أن يعيش كما تعيش بقية المخلوقات، فالأمر بيده وهو صاحب الاختيار، {يَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} [محمد: 12].

فأنت أيها المؤمن أيها المحب لرسوله: اتبع هذا النبي الكريم في أقواله وأحواله وأفعاله، في سلوكه وعمله، في عبادته ونشاطه، في بيته وبيئته وتربيته، في كل ما تسمعه عن هذا النموذج العظيم، عن هذا النموذج الإنسان الذي جعله الله عزَّ وجل رحمة للأنام.

أيها المؤمنون الكرام:

اختر أن تكون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغيرك يختار غير ذلك،  وقد وضع الله عزَّ وجل معياراً، ميزاناً لأولئك الذين يكونون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال الله عزَّ وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً، مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 28، 29].

كفى بالله شهيداً عليكم أيها المؤمنون أنكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما هي الصفات التي تحملها يا من ترغب أن تكون في معية المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء}، فمتى تكون شديداً، ومتى تكون رحيماً، ومتى يراك الناس؟ اقرأ الآية بتأمل وتدبر، قال: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}، فهل تحققت بهذه الصفة، بإظهار الشدة على الأعداء والرحمة على المؤمنين، أم إن الأمر قد انعكس لدى البعض فانعكست المفاهيم، وإذ به مع إخوانه من المؤمنين شديد رهيب، وإذا ما تحدث أو التقى بغير المؤمنين، وإذ به الرحيم.

البداية في هذا المعيار، في هذا الميزان، في حياتك أنت كفرد، كإنسان مؤمن محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في المحيط الذي أنت فيه، كيف أنت؟

ثم قال: {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً} الصلوات والمحافظة عليها، ماذا يبتغون من صلواتهم؟ الرياء والسمعة والشهرة، أم الخشية والخوف من الله سبحانه وتعالى، قال: {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً}، إنما يؤدون الواجبات ابتغاء وجه الله، {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} الخضوع لله سبحانه وتعالى، ثم قال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}.

إذاً أنت أيها المؤمن معروف لدى أتباع الشرائع السماوية بصفاتك وسمتك، بخيرك وعطاءك، بحسن عبادتك لمولاك، ثم قال: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ}.

الزرع ينمو ويكثر ويشتد عوده، {أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} [الفتح: 29]، يتأمل المزارع في العمل الذي بذله بذرة، وإذ به ثمار على الشجر، كذلك يتباهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بك أيها المؤمن عندما يزداد إيمانك وتزداد محبتك، وتعلقك بالإسلام والإيمان والقرآن؛ ليشار إليك بالبنان، هذا من الذين مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

إذاً هناك فرق بين مخلوقات لله عزَّ وجل وبين إنسان وبشر، وبين مؤمنين محبين، فاختر لنفسك في أي مجال تريد أن تكون، وأيَّ وسام ترغب أن تضعه على صدرك حتى إذا لقيت وجه ربك، يا رب إني مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

كيف أكون مع رسول الله؟

بالتعرف على حياته، بقراءة سيرته، بالامتثال لأوامره، باتباع هديه وإرشاداته.

أما مجرد أن تمر بنا ذكرى ربيع الأنور، وإذ تكثر الاحتفالات، وتوزع الحلويات، والزينات في المساجد وفي البيوت، هذه مظاهر عامة لا تنكر، وإنما نريد بعد هذه المظاهر جواهر وحقائق.

ننتقل من العناوين إلى المضامين.

ما مضمون إيمانك؟ ما مضمون حبك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فقط من العام إلى العام احتفال!؟

من الأسبوع إلى الأسبوع صلاة وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم!؟ أو في كل يوم تردد بلسانك، متى يتحول كل هذا إلى سلوك عملي؟

جاءت نسوة من اليمن بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى.

جئنا إلى المدينة المنورة والتقينا بأم المؤمنين السيدة عائشة رضوان الله تعالى عنها فسألوها صفي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراحت أمنا تقول: كان كذا وكذا، في جمال مظهره وحسن سمته، -في الصفات الجسدية-، قالت النسوة: يا أم المؤمنين لا نسألك عن صفاته الجسدية، خبرينا عن سلوكه، عن أخلاقه، عن أعماله، فاختصرت السيدة عائشة في وصفها بكلمات ثلاث، -هل نعجز ونضعف عن حفظها- ثلاث كلمات: (كان خلقه القرآن)، من منَّا لم يحفظها!؟ الكل حفظها.

الآن كيف نحول هذا الحفظ إلى تطبيق عملي؟

إذا قرأت القرآن، ومطلوب منك أن تقرأ، وإن مررت بآية هل تعمل بها أم لا؟ هل هذه الآية لك أم لغيرك؟ هل تلك الآية فقط للقراءة وكسب الحسنات وأخذ الثواب، أم هي للسلوك العملي والتطبيق؟

إذا أردنا أن نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الطريق، كلمات ثلاث: كان خلقه القرآن.

فيا أحباب رسول الله:

يا من ترغبون بمعية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يا من تزينون وتحتفلون برسول الله صلى الله عليه وسلم.

إنه فتح لنا الطريق ودلنا على الصراط المستقيم، فمن اتبع هداه كان من المفلحين، ومن حاد عن طريقه فقد اختار لنفسه الهلاك.

أيها المؤمنون:

أسأل الله عزَّ وجل لي ولكم التوفيق، وأسأل الله عزَّ وجل لنا ولأبنائنا أن نعمل بالقرآن، وأن نكون في معية رسول الله عليه الصلاة والسلام.

الخطبة الثانية:

أيها المؤمنون:

أذكر بحادثة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأمر أسس به المجتمع.

بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ورأى أبناء الإسلام يزدادوا عددهم، ورأى أخوة المجتمع تحتاج إلى مزيد من التعاون، وقف خطيباً فقال: "تآخووا في الله أخويين أخويين".

ما أجمل الأخوة الإيمانية الصادقة الهادفة الذي تتعاون على البر والتقوى ولا تتعاون على الإثم والعدوان.

ما أجمل الأخوة ونحن نتراص في صفوف الصلاة بين يدي الله عزَّ وجل، أن يتحول هذا البنيان المرصوص في صلواتنا إلى بنيان مرصوص في مجتمعنا، بحيث أنَّا لا نسمح للشيطان أن يدخل فيما بيننا في الصلاة، كذلك لا نسمح لأعداء الأمة أن يفرقوا فيما بيننا.

البنيان المرصوص، الأخوة الإيمانية الصادقة: أن أحب لأخي ما أحب لنفسي، والأخوة هنا: أخوة الجسد وأخوة الإسلام وأخوة المجتمع وأخوة البلد وأخوة الإنسانية.

اقرؤوا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، جميعاً، ليس أن يقرأها البعض ويتركها آخرون.

عندما نقرأها جميعاً تتحول من القراءة إلى العمل حباً في المجتمع، وتواصلاً بين أبناءه، ورحمة فيما بيننا، اللهم أكرمنا بذلك إنك على كل شيء قدير.

عدد القراء : 750