shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

حصاد المؤمنين

يا أمة الإسلام أفيقي، ومن غفلتك فانتبهي، فلينصرن الله نصراً عزيزاً لِمَن ينصر دينه، ويؤيد شريعته، ويعمل بكتابه ويتبع سنة رسوله.

وفي المقابل يكون الخزي والعار، والذل والهوان لِمَن يهمل شريعة الله.

هذه سنة الله في عباده الذين ارتضوا لأنفسهم الإسلام.

إخوتي في الله: يعيش المسلمون اليوم زمناً عصيباً، ووقتاً دقيقاً، وجرحاً مميتاً، وألماً فظيعاً، وجراحاً مذففة، وجثثاً متفحمة، وسيارات مفخخة، وأشجاراً مقتلَعة، وبيوتاً مهدمة، وأسراً مشردة، وأطفالاً ميتمة، ونساءً ثكلى، وقد لا تسعفك الكلمات في القواميس عن وصف حال المسلمين التي لا تُسر صديقاً، ولا تجعل العدو حاسداً؛ مشاكل تستهدف الأمة بتدمير مستقبلها، وتدنيس حاضرها، وتغييب ماضيها.

ويأتي السؤال: فماذا نفعل، ومن المنقذ، وما سبيل النجاة، ما درب السلامة مما نحن فيه؟.

أقول: لا خلاص للأمة إلا بانقيادها لكتاب ربها، واتباع سنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد كُتب لهذه الأمة حين تحيد عن الشرع أن تتقلب في الإهانات والمذلات، وأن تنتقل من هزيمة إلى هزيمة.

كما كُتب لهذه الأمة حين تعتصم بحبل الله المتين أن ترتفع رايات نصرها، وتعلوا أبراج سؤددها.

هذه حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان، ولا أن تُمنع عن سماعها الآذان، ولا أن نحجب عن رؤيتها العينان.

فلنرفع الغطاء عن أنفسنا، ولنكشف الغشاوة عن أبصارنا، ولنفتح بالوعي أذهاننا، ولتكن حياتنا ملؤها التواصي بالحق والمصارحة، والتناصح في الله والمكاشفة، كفانا نكبات تجرح مشاعرنا، كفانا كوارث تهز كياننا، كفانا تكسات تسود وجوهنا.

أما يئسنا من تلمس النصر عند البشر من دون الله، ألم نتعظ من استجداء النصر من مجلس الأمن.

كفانا استعطافاً من مجلس الأمم الظالمة، ولتعمل بإسلام ربنا الذي يبني مجتمعات وأمم عادلة.

كفانا عن كتاب الله بعيدين، كفانا عن سنة رسوله حائدين؛ فإن الحق تبارك وتعالى أرادنا أن نكون مؤمنين مؤمنين، وهو القائل: ]والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أؤلئك سيرحمهم الله[[التوبة/71].

هذه موازين تنـزل الرحمات إن أردتموها أيها المسلمون، هذه مقاييس مَن يستحق الرحمة من الله إن رغبتم بها، فيا مَن تطلبون الرحمة من الله والعناية والرعاية، هل بذلتم أسبابها؟ أم تراكم زرعتم بذوراً تعطي عكس الرحمة من الغضب والنقمة؟!!

فما الرحمات الإلهية والعنايات الربانية، وكذا السخط الرباني والغضب الرباني إلا صنيع أعمالكم، وزرع قدمتموه تنتظرون حصاده، فماذا تتوقعون مما تفعلون؟

قولي بالله عليكم:

ما نتيجة إقرار الناس على الجرائم والمنكرات؟

ما نتيجة سكوت الناس عن الفواحش والضلالات؟

ما نتائج تقديم العصاة في المسؤوليات وتأخير المؤمنين والمؤمنات؟

ما نتيجة ترك الصلوات وإهمال الزكوات؟

ما نتيجة تسهيل المسكرات وتعاطي المخدرات؟

ما نتيجة سماع الأغاني الماجنات، والترويجِ للغانيات الفاسقات؟

ما نتيجة إطلاق العنان لإرواء الملذات والجري وراء الشهوات؟

ما نتيجة الركون إلى الذين فسقوا، ومداهنة الذين كفروا، وموالاة الذين ظلموا ؟

وماذا تنتظرون بعد المجاهرة بكل أصناف المعاصي والمنكرات، والفواحش والسيئات؟

إن ما تمر به الأمة اليوم ما هو إلا حصاد زرع سابق، ونتيجة سلوك ماض، والنتيجة يراها الناس بأم أعينهم:

فالأمور قد اختلت، والقيم قد تغيرت، والبركة قد نـزعت، والنقمة قد حلت، مع أن القرآن قد حوى قصة مماثلة، وحكاية معبرة عن أقوام فعلوا في الماضي ما وقع فيه المسلمون اليوم، ولكن للآسف جعلنا القرآن للموت والموتى، ولم نشعر به عملاً وسعادة ونجاة للحياة والأحياء.

اقرؤوا قول الله تعالى:]لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون[[المائدة/78].

واليوم يُلاحظ كل مسلم أن المنكرات في حياة المسلمين ظاهرة للعيان، فالزنى قد انتشر، ودور الخمر قد فشت، وقطيعة الرحم قد ذاعت، والغش والتدليس والكذب قد استفحل، والموبقات قد عمت، والفجور رائحته فاحت، والمعاصي راياتها ارتفعت، فهل يستحق النصر مَن هذا حاله؟!!.

انظروا حولكم: أما انتشر الفحش وعم الفساد!!، أما استبدلت الأغاني بالقرآن!!، أما ضُيعت الصلوات!!، أما أحييت الليالي على الماجنات من المغنين والمغنيات بدل إحياء الليالي بالقيام والركعات!!، أما أُكل الميراث ومُنع من أصحابه، وضاعت أموال الناس بالباطل؟!! فهل يتحقق نصر والحالة هذه؟!!.

أمراض وعلل، وأوبئة أوصلت إلى الشلل؛ تعصف بجسد الأمة فتضعفه، وتنخر في إيمانه فتذيبه وتمحقه، وتنال من شموخ الأمة لتلها.

وفي المنطق السليم، والعقل الرصين والفكر الرشيد: أن المريض يبحث عن الدواء، وأن المعلول يفتش عن الاستشفاء.

فو الله لا دواء للأمة إلا بشرع ربها، ولا شفاء إلا بكتاب بارئها، ومَن عرف الدواء استعمله، ومَن انتفع به نصح به غيره باستعماله.

وهذا هو أوان الاستشفاء، وهذه زمان أخذ الدواء، وهذا وقت التناصح، وميعاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ]والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر

عدد القراء : 1285